أمين الحسيني | |
---|---|
الحاج أمين الحسيني عام 1929
| |
معلومات شخصية | |
الميلاد | 1 يناير 1895 القدس[1] |
الوفاة | 4 يوليو 1974 (79 سنة)
[2][3] بيروت |
مكان الدفن | مقبرة الشهداء في بيروت |
الإقامة | القدس بغداد (1939–1941) برلين (1941–1945) القاهرة |
مواطنة | ![]() ![]() |
الديانة | أهل السنة والجماعة |
عضوية | اللجنة العربية العليا |
الأب | محمد طاهر الحسيني |
مناصب | |
الحياة العملية | |
المدرسة الأم | جامعة الأزهر |
المهنة | سياسي، ومفتي |
الحزب | اللجنة العربية العليا |
اللغة الأم | العربية |
اللغات | التركية، والفرنسية، والعربية |
الخدمة العسكرية | |
الفرع | الجيش العثماني، والثورة العربية الكبرى |
المعارك والحروب | الحرب العالمية الأولى |
تعديل مصدري - تعديل ![]() |
الحاج محمد أمين الحسيني أو المفتي (1895 – 4 يوليو 1974) كان المفتي العام للقدس، ورئيس المجلس الإسلامي الأعلى، ورئيس اللجنة العربية العليا، وأحد أبرز الشخصيات الفلسطينية في القرن العشرين، ولد في مدينة القدس عام 1895 وتلقى تعليمه الأساسي فيها، وانتقل بعدها لمصر ليدرس في دار الدعوة والإرشاد، أدى فريضة الحج في السادسة عشر من عمره، والتحق بعدها بالكلية الحربية بإسطنبول، ليلتحق بعدها بالجيش العثماني، والتحق بعد ذلك في صفوف الثورة العربية الكبرى. [4]
اعتقل الحسيني عام 1920، ولكنه استطاع الفرار إلى الأردن، وحكم عليه بالسجن 15 عاما، تولى منصب المفتي العام للقدس بعد وفاة أخيه كامل، وأنشأ المجلس الإسلامي الأعلى في 1921، وبعد فشل ثورة القسام عام 1936، أنشأ اللجنة العربية العليا، التي ضمت تيارات سياسية مختلفة.
أصدر المندوب السامي البريطاني قرارا بإقالة المفتي من منصبه والقبض عليه، وحينها هرب الحسيني إلى لبنان، حيث اعتقلته السلطات الفرنسية، وبعدها استطاع الهروب من لبنان إلى العراق، ثم تركيا، ثم ألمانيا، حيث مكث فيها قرابة 4 سنوات.
فرضت على الحاج أمين الحسيني الإقامة الجبرية بعد النكبة، فهاجر إلى سوريا ومنها إلى لبنان، حيث مكث فيها حتى وفاته.
توفي الحسيني عام 1974 ببيروت، وشيع بجنازة رسمية حضرها ياسر عرفات، ودفن في مقبرة الشهداء.
نشأته وتعليمه
وُلِد محمد أمين الحسيني في القدس عام 1895 م[5]، وقيل في 1897.[6] لعائلة ميسورة كان من أفرادها ثلاثة عشر شخصاً تولوا مناصب إدارية وسياسية في القدس.[7]
تلقى علوم القرآن واللغة العربية والعلوم الدينية في فترة مبكرة من عمره، أدخله والده «مدرسة الفرير» لمدة عامين لتعلم الفرنسية، ثم أُرسل إلى جامعة الأزهر بالقاهرة ليستكمل دراسته، كما إلتحق بكلية الآداب في الجامعة المصرية، وكذلك في مدرسة محمد رشيد رضا «دار الدعوة والإرشاد»، نشبت الحرب العالمية الأولى عام 1914، فلم يستطع العودة لإستكمال دراسته، فذهب إلى إسطنبول ليلتحق بالكلية العسكرية، وتخرج برتبة ضابط صف في الجيش العثماني، وقد ترك الخدمة لإعتلال صحته بعد ثلاثة أشهر فقط من تخرجه، وعاد إلى القدس، فما لبثت القوات العربية والبريطانية أن سيطرت على القدس سنة 1917 فإلتحق بقوات الثورة العربية وجند لها المتطوعين،[8] وكان قد أدى فريضة الحج مع والدته في عام 1913 م، فاكتسب لقب الحاج من حينها.[9]
الوظائف والمناصب
- أسس ورأس «النادي العربي» 1915 م، وهو أول منظمة سياسية عرفتها فلسطين، وانطلقت منها الحركة الوطنية الفلسطينية، ثم عمل معلماً بمدرسة روضة المعارف الوطنية.
- انتخب مفتياً للقدس عام 1921م خلفاً لشقيقه كامل الحسيني.
- رأس أول مجلس للشؤون الإسلامية والأوقاف والمحاكم الشرعية وهو المجلس الإسلامي الأعلى لفلسطين عام 1922م.
- أشرف على إعادة تنظيم المحاكم الشرعية في سائر قطاعات فلسطين (18 محكمة شرعية).
- استعاد الإشراف على الأوقاف الإسلامية بعد أن كانت في يد النائب العام (وهو اليهودي الإنجليزي بنتويش).
- تأسيس وتقوية المدارس الإسلامية في كل أنحاء فلسطين.
- تأسيس الكلية الإسلامية (من 1924 م إلى 1937 م).
- تأسيس والإشراف على «دار الأيتام الإسلامية الصناعية» في القدس.
- رئاسة لجنة إعادة إعمار وترميم المسجد الأقصى وقبة الصخرة، وهو المشروع الذي تم في عام 1929م.
- رئاسة مؤتمر العالم الإسلامي - وهو الذي بدأ منذ عام 1931م في القدس من أجل القضية الفلسطينية، وتكرر عقده برئاسته في مكة وبغداد وكراتشي وغيرها.
- تكوين جمعيات «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» للإصلاح بين المتخاصمين ومقاومة الدعوة الصهيونية للعرب ببيع أرضهم.
- تنسيق الجهود والإشراف على إعداد التنظيمات المسلحة في أرض فلسطين، والتي أثمرت «جيش الجهاد المقدس» في أطواره المختلفة.
- تأسيس ورئاسة اللجنة العربية العليا لفلسطين.
- المشاركة في ثورة رشيد عالي الكيلاني في العراق ضد الإنجليز عام 1941م.
- إنشاء مكاتب للحركة العربية والقضية الفلسطينية في برلين وروما، ثم في أماكن مختلفة من أوروبا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.
- رئاسة الهيئة العربية العليا لفلسطين والتي تشكلت بموجب قرار من جامعة الدول العربية عام 1946م.
- رئاسة وفد فلسطين في مؤتمر باندونغ عام 1955م، وقد حضر الوفد بصفة مراقب.
- تنسيق جهود الأعمال الفدائية بعد حرب 1948م.
- رئاسة «المؤتمر الوطني الفلسطيني» عام 1948، والذي أعلن حكومة عموم فلسطين ووضع دستورها، وبرنامج الحكومة.
جهاده للقضية الفلسطينية

شارك أمين الحسيني في العمل الوطني الفلسطيني منذ نهاية الحرب العالمية الأولى في عام 1918م، وشارك في عقد «المؤتمر العربي الفلسطيني الأول» عام 18 - 1919م، والمظاهرات الفلسطينية في عام 1920م، وقد اتهمته السلطات البريطانية بأنه وراء هذه المظاهرات، وهاجم شباب القدس القافلة البريطانية المشرفة على ترحيله للسجن، وهرب إلى سوريا، وحكم عليه غيابيًا بالسجن 15 سنة، وتحت ضغط الغضب الفلسطيني تم العفو عنه، وبعد عودته بأشهر يُتَوفَّى شقيقه مفتي القدس، ويرشِّحه رجال فلسطين لخلافة شقيقه وهو ابن خمسة وعشرين عامًا، ويفوز الشاب بالمنصب، ولكنه لا يكتفي بهذا، فيطالب بتشكيل هيئة إسلامية تشرف على كافة الشئون الإسلامية في فلسطين، وينجح في حمل السلطة البريطانية على الموافقة، ويفوز في انتخابات رئاسة هذه الهيئة، ويعمد من خلال هذه الهيئة إلى تنظيم الشعب الفلسطيني، فينظم الجمعيات الكشفية، وفرق الجوالة، وإعدادها إعدادًا جهاديًا، ويتصل بكافة المخلصين والمناضلين في العالمين العربي والإسلامي من أمثال عز الدين القسام وعبد القادر الحسيني.
وقد توجهت الدعاية المعارضة لأمين الحسيني لتظهره وكأنه الرجل المسالم للإنجليز، وفي لقاء بينه وبين بعض قادة العمل الوطني على رأسهم عبد القادر الحسيني يدور الحديث عن موقفه من مقاومة الإنجليز، فيرد الرجل قائلاً: ما رأيكم أن تقاوموا أنتم الإنجليز وتتركوني لمقاومة اليهود؟
وأحسَّ القوم أن الرجل له علم ونظرة أعمق من مجرد دفع عدو ظاهر، وأن الأمر أخطر من مجرد السيطرة الإنجليزية، وأن هذه السيطرة ستار لمؤامرة استيطانية، وتتوحد الجهود، ويكون عبد القادر الحسيني قائداً للأعمال العسكرية، والمفتي أمين الحسيني هو الواجهة السياسية، والمنسق (من خلال منصبه واتصالاته) للجهود العسكرية، وتوفير التمويل اللازم لكافة الجهود لنصرة القضية الفلسطينية، وتتحرك الثورة عام 1929م، ثم في عام 1933م، ثم تكون الثورة الكبرى عام 36 - 1939م، ويتولى أمين الحسيني مسئولية «اللجنة العربية العليا لفلسطين»، وهي لجنة سرية لتنسيق الجهود على مستوى الدول العربية لنصرة القضية الفلسطينية، وتتعقب بريطانيا المفتي في كل مكان، ويلجأ الرجل للمسجد الأقصى يدير الثورة من داخله، وتُصدر السلطة الإنجليزية قرارًا بإقالة المفتي من جميع مناصبه.
ويضطر المفتي إلى الخروج من فلسطين إلى لبنان، وقد وقع في قبضة السلطة الفرنسية بها، وترفض فرنسا تسليمه للسلطة البريطانية، وتسمح له بالعمل في الفترة من 37 إلى 1939م، ومع بشائر الحرب العالمية الثانية، تقرر السلطة الفرنسية القبض عليه ونقله للسجن، فيهرب إلى العراق، وهناك يشجع الضباط العراقيين على الثورة، وتقوم ثورة رشيد عالي الكيلاني عام 1941م، ويناصر المفتي الثورة، ويشترك معه مجموعات فلسطينية على رأسها عبد القادر الحسيني الذي يشترك في مقاومة التقدم الإنجليزي في العراق، ومع بشائر الفشل للثورة ينتقل إلى طهران، ثم انتقل سرًا بين عدة عواصم أوروبية حتى انتهى به الأمر إلى برلين، وقد التقى في هذه المرحلة مع قادة دول المحور سواء في إيطاليا أو ألمانيا، ولم يكن الأمر مفاجئاً، فقد أجرى المفتي اتصالات سابقة مع القيادة الألمانية في بداية الحرب، وهذا أمر طبيعي، فالدول العربية كلها تقريبًا ليس بينها وبين ألمانيا عداوة، ثانيًا ألمانيا صارت العدو القوي المواجه لكل من إنجلترا وفرنسا «وهما الدولتان اللتان يحتلان أغلب الدول العربية».[10]

وكانت رسالة المفتي السابقة على وصوله لألمانيا تتضمن المطالب الآتية:
- الاعتراف الرسمي من جانب دول المحور باستقلال كل من: مصر، العراق، اليمن.
- الاعتراف بحق البلدان العربية الخاضعة للانتداب: سورية، لبنان، فلسطين والأردن بالاستقلال.
- الاعتراف بحق البلدان الخاضعة للاحتلال الإنجليزي بالاستقلال: السودان، البحرين، الكويت، عُمان، قطر، حضرموت، إمارات الخليج العربي.
- إعادة عدن وبقية الأجزاء المنفصلة عن اليمن، والتي يستعمرها الإنجليز.
- الإعلان من قبل دول المحور أنها لا تطمع في مصر والسودان.
- الاعتراف بحق العرب في إلغاء الوطن القومي اليهودي وعدم الاعتراف به.
- وفي لقاء مع هتلر في عام 1941م، رد هتلر أن هذه المطالب سابقة لأوانها، وأنه عند هزيمته لقوات الحلفاء في هذه المناطق يأتي وقت مثل هذا الإعلان، ثم كانت المفاجأة عندما عرض أمين الحسيني في لقائه الثاني تكوين جيش عربي إسلامي من المتطوعين في الشمال الأفريقي وشرق المتوسط لمقاومة الحلفاء، فكان رد هتلر "إنني لا أخشى الشيوعية الدولية، ولا أخشى الإمبريالية الأمريكية البريطانية الصهيونية، ولكن أخشى أكثر من ذلك كله هذا الإسلام السياسي الدولي.[بحاجة لمصدر] ومن ثَم بدأ الرجل يضع قواعد للاستفادة من الوضع الراهن، فبدأ يستفيد من وجوده بالأوجه الآتية:


- فتح أبواب الكليات العسكرية الألمانية لتدريب الشباب العربي والفلسطيني بما يُعَدُّ نواه لجيش الجهاد المقدس في طوره الثاني.
- العمل على استصدار بيان من قيادة المحور يضمن الاستقلال لأكبر عدد من الدول العربية بعد انتصار المحور على الحلفاء في هذه البلاد.
- العمل على الحصول على أكبر كمية من الأسلحة وتخزينها، استعداداً لمرحلة قادمة، وقد قام بالفعل بتخزين السلاح في مصر وليبيا وجزيرة رودس. نجح في تكوين معهد لإعداد الدعاة في ألمانيا، وقام بإقناع القيادة الألمانية في وضع داعية في كل الفرق العسكرية التي بها مسلمون، وفي نفس الوقت دفع بعض الشباب المسلم العربي بها على الاشتراك في الجيش لتدريب على كافة الأعمال القتالية.
- نجح في وقف الأعمال الإرهابية ضد البوسنة (البوشناق) من جانب الصرب، ونجح في إقناع القيادة الألمانية بتشكيل جيش بوسني لمنع تكرار هذه المذابح، وتم بالفعل تكوين جيش من 100 ألف بوسني، ولكن تم تسريحه بعد انتهاء الحرب.
مطاردة من جديد

استطاع المفتي الهروب من ألمانيا في اللحظات الأخيرة قبل سقوط برلين، وتم القبض عليه في فرنسا، وقضى يومين في زنزانة مظلمة، ولكنه تقدم للضابط المسئول وعرَّفه بنفسه ومكانته، وطالب أن يعامل بالشكل اللائق، وبالفعل انتقل لمنزل جنوب باريس، وعندما أعلن عن وجوده في فرنسا، بدأت المطاردة له من السلطات البريطانية والأمريكية، والصهيونية داخل فرنسا، ورفضت فرنسا أن تسلِّمه بسبب خلافها مع المصالح البريطانية والأمريكية، وحرصًا على عدم استثارة المشاعر الإسلامية، وتدخل ملك المغرب ورئيس تونس أثناء وجودهما في باريس، وطالَبَا باصطحاب المفتي معهما، وتدخلت الجامعة العربية، ورئيس باكستان محمد علي جناح، من أجل سلامة المفتي، ورفضت فرنسا، وبدأت المقايضة الأمريكية مع مشروعات إعادة إعمار فرنسا بتمويل أمريكي، وقبل أن تقرر فرنسا تسليمه لأمريكا استطاع أن يهرب المفتي من فرنسا عن طريق استخدام جواز سفر لأحد أنصاره في أوروبا، وهو الدكتور معروف الدواليبي بعد استبدال الصورة. ونجح المفتي في الوصول إلى القاهرة عام 1947م، ويظل متخفيًا بها عدة أسابيع حتى استطاع أن يحصل على ضيافة رسمية من القصر الملكي تحميه من المطاردة الدولية لشخصه.
ويبدأ الحاج أمين الحسيني في تنظيم صفوف المجاهدين من القاهرة، وتدخل القضية الفلسطينية طورها الحرج، وتعلن الأمم المتحدة مشروع تقسيم فلسطين، وتعلن دولة إسرائيل، ويرأس المفتي الهيئة العربية العليا لفلسطين، وتبدأ الحرب، وتبدأ المؤامرات والخيانات، وتقوم بعض الدول العربية بمنع المجاهدين من الاستمرار في مقاومة العصابات الصهيونية، وذلك بحجة أن جيوشهم سوف تقوم بهذه المهمة، ثم يبدأ مسلسل الخيانات لاستكمال المؤامرة، وتنتهي الحرب بهزيمة الجيوش الدول العربية، ويتم حمل المفتي من خلال موقعه كرئيس للهيئة العربية العليا على أن يصدر أمرًا للمجاهدين الفلسطينيين بوضع السلاح، وما إن يتخلص المفتي من بعض القيود حتى يسرع لعقد المؤتمر الفلسطيني في القدس ليعلن استقلال فلسطين وقيام حكومتها، ولكن مصر تعتقل المفتي وحكومة عموم فلسطين وتحدد إقامتهم في القاهرة، ومع قيام الثورة، يبدأ المفتي في تنظيم الأعمال الفدائية على كافة الجبهات، وتستمر العمليات حتى عام 1957م. وفي نفس الوقت ينشط في الجانب السياسي على مستوى الدول العربية والإسلامية، وبعض من الدول الآسيوية؛ وذلك لتأييد الحق الفلسطيني في وطنه، ودعم الجهاد المسلح في مواجهة العدو الإسرائيلي، ويمثل فلسطين في تأسيس حركة عدم الانحياز عام 1955م في مؤتمر باندونج، ولكن تدريجيًا يتم تقييد حركته السياسية ووقف العمل الفدائي من عام 1957م على معظم الجبهات، وتظهر بشائر مؤامرة جديدة، ومحاولة لإنهاء القضية في خطوات سلمية، وتظهر خطة التسوية مع أعوام 1959م، 1960م والمعروفة بخطة همر شولد، وهي الخطة التي وافقت عليها دولة المواجهة العربية مقابل ثلاثة مليارات من الدولارات، وينتقل الحاج أمين الحسيني إلى بيروت عام 1961م، وينقل إليها مقر الهيئة العربية العليا، ويفضح الرجل خطوط المؤامرة، وتفشل الخطة.
وتبدأ خطة عربية بإنشاء كيان بديل للهيئة العربية العليا، وتبدأ بإصدار قرار من جامعة الدول العربية بإنشاء كيان فلسطيني عام 1963م، وينشأ الكيان تحت رعاية مصر باسم منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964م، ويعين رئيساً له أحمد الشقيري الذي يخضع للتوجهات العربية، وبعد نكسة عام 1967م، يبدأ الحسيني من جديد نشاطه من أجل القضية، موضحاً موقفه الثابت أن القضية لن يتم حلها إلا بالجهاد المسلح، ويستمر الرجل في نضاله حتى تُفضي روحه إلى بارئها عام 1974م.
هدم بيته
هدمت الجرافات الإسرائيلية بيت ومقر أمين الحسيني المسمى فندق شبرد بحي الشيخ جراح في وسط مدينة القدس صباح يوم الأحد الموافق 9 يناير 2011.[11] وكان البيت قد تحول إلى فندق بداية السبعينيات. وحسب الإعلانات الرسمية الإسرائيلية فإنه من المقرر أن تقام عشرون وحدة استيطانية لإسكان عائلات يهودية مكان الفندق، كمرحلة أولى من مخطط لبناء ثمانين وحدة استيطانية في المنطقة.[11] وقد أثار الهدم إدانات دولية وعربية وفلسطينية. فوصفت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون الحادث «بالتطور المزعج» و«المقوض لجهود السلام».[12] كما أدان الهدم أطراف عديدة منها الاتحاد الأوروبي ومنظمة المؤتمر الإسلامي والحكومة الأردنية وحركة حماس.[13] من ناحيتها أدانت الرئاسة الفلسطينية العملية واعتبرتها إجراء سياسي لعزل القدس وتغيير الوقائع فيها.[11] فيما وصف نجل المفتي ومحافظ القدس عدنان الحسيني العملية الإسرائيلية «بالبربرية» و«استهدافا للذاكرة وقيمة المقاومة التي كان يحملها شخص الحاج أمين الحسيني».[11]

وقت مبكر من الحياة

وُلِد أمين الحسيني حوالي عام 1897[ا]في القدس وهو ابن مفتي تلك المدينة والمعارض الأوائل البارز للصهيونية طاهر الحسيني.[14] تتكون عشيرة الحسيني من أصحاب الأراضي الأثرياء في جنوب فلسطين وتركزت حول قضاء القدس. وكان ثلاثة عشر عضوًا من العشيرة رؤساء لبلدية القدس بين عامي 1864 و1920. عضو آخر من العشيرة وأخ أمين غير الشقيق[15] كامل الحسيني خدم أيضًا كمفتي القدس. في القدس التحق أمين الحسيني بمدرسة القرآن الكريم (كتب) ومدرسة ثانوية حكومية عثمانية ( الرشدية ) حيث تعلم اللغة التركية ومدرسة ثانوية كاثوليكية يديرها المبشرون الفرنسيون وهي مدرسة الإخوة الكاثوليك حيث تعلم اللغة الفرنسية.[16] درس أيضًا في التحالف الإسرائيلي العالمي مع مديره اليهودي ألبرت أنتيبي.[17] اعتبر العنتيبي الحسيني تلميذه وأشار إليه في رسالة. [ب]
وفي عام 1912 درس الشريعة الإسلامية لفترة وجيزة في جامعة الأزهر بالقاهرة وفي دار الدعوة والإرشاد تحت قيادة رشيد رضا وهو عالم سلفي والذي ظل معلمًا لأمين حتى وفاته في عام 1935.[19] لقد أصبح دفاع رشيد رضا عن القيم الإسلامية التقليدية وعدائه للتغريب عنصرا أساسيا في شخصية الحسيني الدينية. ومثل رضا كان يعتقد أن الغرب يشن حربًا ضد الإسلام وشجع الثورات الإسلامية في جميع أنحاء العالم الإسلامي لهزيمة القوى الاستعمارية الأوروبية والصهيونية.[20] ولكن الحسيني لم يتبن الأصولية الإسلامية التي تبناها أستاذه.[21]
ورغم إعداده لتولي منصب ديني منذ شبابه إلا أن تعليمه كان نموذجيًا للأفندي العثماني في ذلك الوقت ولم يرتد عمامة دينية إلا في عام 1921 بعد تعيينه مفتيًا.[16] في عام 1913 وفي عمر 16 عاماً تقريباً رافق الحسيني والدته زينب إلى مكة وحصل على اللقب الشرفي حاجي. قبل الحرب العالمية الأولى درس في مدرسة الإدارة في القسطنطينية وهي أكثر المؤسسات العثمانية علمانية.[22]
الحرب العالمية الأولى
ومع اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914حصل الحسيني على رتبة ضابط مدفعية في الجيش العثماني وعين في اللواء السابع والأربعين المتمركز في مدينة إزمير وما حولها. وفي نوفمبر 1916 حصل على إجازة إعاقة لمدة ثلاثة أشهر من الجيش وعاد إلى القدس.[23] كان يتعافى من مرض أصابه هناك عندما استولى البريطانيون على المدينة بعد عام واحد.[22] أتمت الجيوش البريطانية والشريفية والتي قُدِّر عدد المتطوعين فيها من العرب الفلسطينيين بنحو 500 غزوها لفلسطين وسوريا الخاضعتين لسيطرة العثمانيين في عام 1918.[24][25] وباعتباره ضابطاً شريفاً قام الحسيني بتجنيد الرجال للخدمة في جيش فيصل بن الحسين بن علي الهاشمي أثناء الثورة العربية وهي المهمة التي قام بها أثناء عمله كمجند لدى الإدارة العسكرية البريطانية في القدس ودمشق. وأشار تقرير بالين لما بعد الحرب إلى أن ضابط التجنيد الإنجليزي الكابتن سي دي برونتون وجد الحسيني الذي تعاون معه مؤيدًا جدًا للبريطانيين وأنه من خلال توزيع منشورات وزارة الحرب التي قاموا بإسقاطها من الجو والتي تعدهم بالسلام والازدهار في ظل الحكم البريطاني، "قاموا بإعطاء المجندين فهمًا بأنهم يقاتلون في قضية وطنية وتحرير بلادهم من الأتراك".[26] لا يوجد شيء في حياته المهنية المبكرة حتى هذه النقطة يشير إلى أنه كان لديه طموحات للخدمة في منصب ديني : كانت اهتماماته قومية عربية.[22]
النشاط السياسي المبكر
وفي عام 1919 حضر الحسيني المؤتمر السوري العام الذي عقد في دمشق حيث أيد الأمير فيصل ملكاً على سوريا. في ذلك العام أسس الحسيني فرع القدس الموالي لبريطانيا من "النادي العربي" الذي كان مقره في سوريا (النادي العربي) والتي تنافست بعد ذلك مع "النادي الأدبي" الذي ترعاه النشاشيبي (المنتدى الأدبي) للتأثير على الرأي العام وسرعان ما أصبح رئيسًا لها.[27] وفي الوقت نفسه كان يكتب مقالات لصحيفة سوريا الجنوبية (جنوب سوريا). صدرت هذه الصحيفة في القدس ابتداء من سبتمبر 1919 من قبل المحامي محمد حسن البديري وقام بتحريرها عارف العارف وكلاهما من الأعضاء البارزين في النادي العربي.
وكان الحسيني مؤيدًا قويًا للمملكة العربية السورية قصيرة العمر التي تأسست في مارس 1920.بالإضافة إلى دعمه للسياسات القومية العربية التي انتهجها الملك فيصل الأول حاول الحسيني زعزعة استقرار الحكم البريطاني في فلسطين التي أُعلنت جزءاً من المملكة العربية رغم عدم ممارسة أي سلطة في الواقع.
خلال مسيرة النبي موسى السنوية في القدس في أبريل 1920 اندلعت أعمال شغب عنيفة احتجاجًا على تنفيذ وعد بلفور الذي دعم إنشاء وطن للشعب اليهودي في فلسطين. وقد تسبب ذلك في أضرار جسيمة في حياة اليهود وممتلكاتهم. وقد ألقى تقرير بالين اللوم على كلا الجانبين في انفجار التوترات.[28] حُكم على زئيف جابوتنسكي منظم الدفاعات شبه العسكرية اليهودية بالسجن لمدة 15 عامًا.[29] وقد اتُهم الحسيني الذي كان آنذاك مدرساً في مدرسة الرشيدية بالقرب من باب الساهرة في القدس الشرقية بتحريض الجماهير العربية بخطاب تحريضي وحكم عليه غيابياً بالسجن لمدة عشر سنوات من قبل محكمة عسكرية لأنه كان قد فر إلى سوريا في ذلك الوقت.[30] وقد قاموا بالتأكيد بعد ذلك بفترة وجيزة من قبل حاييم وايزمان والمقدم في الجيش البريطاني ريتشارد مينرتزهاجن اللذين عملا في انسجام وثيق[ج]
أن الحسيني كلف بتحريض الشغب من قبل رئيس أركان المشير البريطاني اللنبي العقيد بيرتي هاري ووترز تايلور لإثبات للعالم أن العرب لن يتسامحوا مع وجود وطن يهودي في فلسطين.[31][32] لم يثبتو هذا الادعاء مطلقًا وطرد ماينرتزهاجن.[33]
بعد أحداث أبريل/نيسان وقع حدث أدى إلى تحويل التنافس التقليدي بين عشيرتي الحسيني والنشاشيبي إلى صدع خطير[34] كان له عواقب بعيدة المدى على الحسيني والقومية الفلسطينية. وبحسب السير لويس بولس فقد مورست ضغوط كبيرة على الإدارة العسكرية من جانب الزعماء والمسؤولين الصهاينة مثل ديفيد يلين من أجل إقالة رئيس بلدية القدس موسى كاظم باشا الحسيني نظراً لتواجده في مظاهرة مارس/آذار السابق. قام العقيد ستورز الحاكم العسكري للقدس بعزله دون أي استفسار آخر واستبدله بالراغب النشاشيبي من عشيرة النشاشيبي المنافسة. ووفقاً لتقرير بالين فإن هذا "كان له تأثير عميق على أتباعه في الدين حيث أكد بشكل قاطع القناعة التي تشكلت لديهم بالفعل من أدلة أخرى بأن الإدارة المدنية كانت مجرد دمية في يد المنظمة الصهيونية".[35]
حتى أواخر عام 1920 ركز الحسيني جهوده على القومية العربية وأيديولوجية سوريا الكبرى على وجه الخصوص مع فهم فلسطين كإقليم جنوبي من دولة عربية وعاصمتها دمشق. كان من المقرر أن تشمل سوريا الكبرى كامل أراضي بلاد الشام التي كانت تحتلها الآن سوريا ولبنان والأردن والفلسطين . وانهار الصراع على بلاد الشام بعد أن هزمت فرنسا القوات العربية في معركة ميسلون في يوليو/تموز 1920. دخل الجيش الفرنسي دمشق في ذلك الوقت وأطاح بالملك فيصل وأنهى مشروع سوريا الكبرى التي وضعت تحت الانتداب الفرنسي وفقاً لاتفاقية سايكس بيكو السابقة. وقد استجاب وجهاء فلسطين للكارثة من خلال سلسلة من القرارات في مؤتمر حيفا عام 1921 والتي حددت الإطار الفلسطيني وتجاهلت في صمت الفكرة السابقة المتمثلة في إقامة اتحاد جنوبي مع سوريا. لقد حدد هذا الإطار نبرة القومية الفلسطينية على مدى العقود التالية.[36][37]
ثم تحول الحسيني مثل العديد من أبناء طبقته وفئته من القومية العربية الموجهة نحو دمشق إلى أيديولوجية فلسطينية على وجه التحديد تركز على القدس والتي سعت إلى منع الهجرة اليهودية إلى فلسطين الانتدابية.[38] وقد أدى الإحباط الناجم عن التطلعات القومية العربية إلى إضفاء لون إسلامي على النضال من أجل الاستقلال مما أدى إلى زيادة اللجوء إلى فكرة استعادة الأرض إلى دار الإسلام.[39] ومنذ انتخابه مفتياً حتى عام 1923مارس الحسيني سيطرة كاملة على الجمعية السرية الفداءية. (المضحون بأنفسهم) والتي مع الإخاء والعفاف لعبت منظمة الأخوة والنقاء (الاسم الكامل للمنظمة) دورًا مهمًا في الأنشطة السرية المناهضة للبريطانيين والصهيونية ومن خلال أعضائها في قوات الدرك انخرطت في أنشطة شغب منذ وقت مبكر من أبريل 1920.[40]
مفتي القدس
وأعلن السير هربرت صموئيل المفوض السامي البريطاني المعين حديثاً عفواً عاماً عن المدانين بالتواطؤ في أعمال الشغب التي وقعت عام 1920 باستثناء أمين الحسيني والعارف فقط. وفي أثناء زيارة قام بها صموئيل في وقت لاحق من ذلك العام إلى القبائل البدوية في شرق الأردن التي آوت اللاجئين السياسيين الاثنين عرض صموئيل العفو على كليهما وقبله العارف بسرعة. ورفض الحسيني العرض في البداية على أساس أنه ليس مجرماً. ولم يقبل العفو إلا في أعقاب وفاة أخيه غير الشقيق المفتي كامل الحسيني في مارس 1921.[41] وبعد ذلك أجريت الانتخابات ومن بين المرشحين الأربعة لمنصب المفتي حصل الحسيني على أقل عدد من الأصوات وكان الثلاثة الأوائل من مرشحي النشاشيبي. ومع ذلك كان صموئيل حريصًا على الحفاظ على التوازن بين الحسينيين وعشيرتهم المنافسة النشاشيبيين.[42] قبل عام من ذلك استبدل البريطانيون موسى الحسيني في منصب رئيس بلدية القدس براغب النشاشيبي. ثم تحركوا لتأمين وظيفة تعويضية من الهيبة لعائلة الحسيني بتعيين أحدهم في منصب المفتي وبدعم من راغب النشاشيبي نجحوا في إقناع المرشح الأوفر حظاً من بين النشاشيبيين الشيخ حسام الدين جارالله بالانسحاب. وقد أدى هذا تلقائيًا إلى ترقية أمين الحسيني إلى المركز الثالث الأمر الذي سمح له بموجب القانون العثماني بالتأهل ثم اختاره صموئيل كمفتي.[43] كان تعيينه الأولي مفتيًا ولكن عندما أنشاء المجلس الإسلامي الأعلى في العام التالي طالب الحسيني وحصل على لقب المفتي الأعظم الذي قاموا بإنشاؤه في وقت سابق ربما على غرار الاستخدام المصري[44] من قبل البريطانيين لأخيه غير الشقيق كامل.[45][46][47] وقد جاء هذا المنصب مع فترة ولاية مدى الحياة.[48]
وفي عام 1922 انتخب الحسيني رئيسًا للمجلس الإسلامي الأعلى الذي أنشأه صموئيل في عام 1921.[49] يزعم ماثيوز أن البريطانيين اعتبروا أن الجمع بين صورته كقومي عربي فعال وسليل عائلة نبيلة من القدس "يجعل من المفيد مواءمة مصالحه مع مصالح الإدارة البريطانية وبالتالي إبقائه على مسافة قصيرة منه".[50] كان المجلس يسيطر على أموال الأوقاف والتي تبلغ قيمتها سنويًا عشرات الآلاف من الجنيهات[51] وأموال الأيتام والتي تبلغ قيمتها سنويًا حوالي 50 ألف جنيه إسترليني مقارنة بـ 600 ألف جنيه إسترليني في الميزانية السنوية للوكالة اليهودية.[52] بالإضافة إلى ذلك كان يسيطر على المحاكم الإسلامية في فلسطين. ومن بين الوظائف الأخرى عُهد إلى هذه المحاكم بسلطة تعيين المعلمين والوعاظ.[53]
في البداية، كان البريطانيون يوازنون التعيينات في المجلس الإسلامي الأعلى بين الحسينيين وأنصارهم (المعروفين باسم مجلسية أو مؤيدي المجلس) والنشاشيبيين وعشائرهم المتحالفة (المعروفة باسم "المجلسيّة"، المعارضة).[54] معارضون كانوا أكثر ميلاً إلى التوصل إلى تسوية مع اليهود وفي الواقع تلقوا لعدة سنوات إعانات سنوية من الوكالة اليهودية.[55] خلال معظم فترة الانتداب البريطاني أدت المناوشات بين هاتين العائلتين إلى تقويض أي وحدة عربية فلسطينية بشكل خطير. ولكنهم في عام 1936 تمكنوا من تحقيق قدر من السياسة المتفق عليها عندما انضمت كل المجموعات العربية الفلسطينية لتأسيس جهاز تنفيذي دائم عرف باسم اللجنة العربية العليا برئاسة الحسيني.[56]
الحرم الشريف والحائط الغربي
أطلق المجلس الإسلامي الأعلى ورئيسه الحسيني الذي اعتبر نفسه حارساً لأحد المقدسات الإسلامية الثلاثة حملة دولية في الدول الإسلامية لجمع التبرعات لترميم وتحسين الحرم الشريف (الحرم الشريف) أو جبل الهيكل وخاصة المسجد الأقصى وقبة الصخرة (التي تضم أيضًا أقدس موقع في اليهودية).[57] كانت المنطقة بأكملها بحاجة إلى ترميم واسع النطاق نظرًا للتدهور الذي أصابها نتيجة الإهمال في العصر العثماني. كانت القدس هي الوجهة الأصلية التي يصلي إليها المسلمون حتى قام محمد صلى الله عليه وسلم بتحويل القبلة إلى مكة المكرمة في عام 624م. وكلّف الحسيني المهندس المعماري التركي معمار كمال الدين.[58] وفي ترميم الموقع تلقى الحسيني المساعدة أيضًا من مدير الآثار الكاثوليكي للقوة المنتدبة إرنست ريتشموند .[59] تحت إشراف ريتشموند رسم المهندس المعماري التركي خطة وكان تنفيذ الأعمال حافزًا ملحوظًا لإحياء الفنون الحرفية التقليدية مثل فسيفساء الفسيفساء وإنتاج الأواني الزجاجية والصناعات الخشبية وأعمال الخوص وتجارة الحديد.[60][61]
وكانت الجهود الحثيثة التي بذلها الحسيني لتحويل الحرم إلى رمز للقومية العربية والفلسطينية تهدف إلى حشد الدعم العربي ضد تدفق المهاجرين اليهود بعد الحرب. وفي حملته الانتخابية اتهم الحسيني اليهود مراراً وتكراراً بالتخطيط للاستيلاء على الحائط الغربي للقدس الذي ينتمي إلى وقف أبو مدين كملكية غير قابلة للتصرف وإعادة بناء الهيكل فوق المسجد الأقصى.[62] لقد أخذ بعض التصريحات على سبيل المثال التي أدلى بها الحاخام الأشكناز الرئيسي في فلسطين إبراهيم إسحاق كوك بشأن العودة النهائية في الوقت المناسب للحرم القدسي إلى أيدي اليهود وحولها إلى مؤامرة سياسية ملموسة للسيطرة على المنطقة.[63] إن العمل المكثف الذي قام به الحسيني لتجديد المقام باعتباره مركزاً للعالم الإسلامي والمساعي اليهودية لتحسين وصولهم إلى الساحة عند الحائط الغربي وتأسيس أجواء مناسبة طقسياً فيها أدى إلى زيادة الصراع بين المجتمعين حيث يرى كل منهما الموقع من منظوره ومصالحه التقليدية فقط.[64] وأشارت الروايات الصهيونية إلى أعمال الحسيني في الموقع والدعاية له والتهديدات التي يتعرض لها باعتبارها محاولات لاستعادة هيبة عائلته المتدهورة. وتقرأ الروايات العربية التحريض المتزايد لبعض الجماعات اليهودية بشأن الجدار باعتباره محاولة لإحياء اهتمام الشتات بالصهيونية بعد سنوات من الانحدار النسبي والاكتئاب والهجرة.[65] وقد قوبلت كل محاولة لإحداث تغييرات طفيفة على الوضع الراهن الذي لا يزال يحكمه القانون العثماني باحتجاجات شديدة من جانب السلطات المسلمة أمام السلطات البريطانية. إذا كان المسلمون قادرين على الاستشهاد باللائحة العثمانية لعام 1912 التي تحظر على وجه التحديد إدخال أشياء مثل المقاعد فإن اليهود قادرين على الاستشهاد بشهادات على حقيقة أنه قبل عام 1914 وضعت استثناءات معينة لتحسين وصولهم واستخدامهم للحائط.[66] لقد شهد العقد الماضي العديد من حلقات الاحتكاك الشديد ووصلت التوترات المتصاعدة إلى ذروتها في أواخر عام 1928 ولكنها انفجرت بعد فترة راحة قصيرة في انفجار عنيف بعد عام.
أعمال الشغب في فلسطين عام 1929

في 10 أغسطس/آب 1928 أجل انعقاد الجمعية التأسيسية التي دعا إليها الفرنسيون في سوريا بسرعة عندما ظهرت دعوات لإعادة توحيد البلاد مع فلسطين.[67] التقى الحسيني وعوني عبد الهادي مع القوميين السوريين[68] وأصدروا بيانًا مشتركًا لدولة ملكية موحدة تحت قيادة أحد أبناء ابن سعود. في السادس والعشرين من الشهر[69] أحتفل بإنجاز المرحلة الأولى من أعمال ترميم مساجد الحرم الشريف باحتفال كبير بحضور ممثلين عن الدول الإسلامية التي مولت المشروع والسلطات الانتدابية وعبد الله أمير شرق الأردن. وبعد شهر ظهر مقال في الصحافة اليهودية يقترح شراء وتدمير المنازل في الحي المغربي المجاور للحائط لتحسين وصول الحجاج وبالتالي تعزيز "خلاص إسرائيل".[70] وبعد ذلك بفترة وجيزة في 23 سبتمبر[71] يوم كيبور قدم أحد رجال الدين اليهود شاشة لفصل المصلين الذكور عن الإناث عند الحائط. وبناء على معلومات من سكان حي المغاربة المجاور اشتكت سلطة الوقف إلى هاري لوك القائم بأعمال السكرتير الأول لحكومة فلسطين من أن هذا يحول المسار إلى كنيس وينتهك الوضع الراهن كما حدث مع المقاعد القابلة للطي في عام 1926. وعندما واجه رجال الشرطة البريطانيون الرفض استخدموا القوة لإزالة الشاشة وحدثت صدامات عنيفة بين المصلين والشرطة.[70] [د]
وقد أثارت مزاعم الصهاينة باستخدام القوة غير المتناسبة خلال هذه المناسبة الجليلة للصلاة موجة من الغضب في مختلف أنحاء الشتات. خرجت احتجاجات يهودية في جميع أنحاء العالم احتجاجا على العنف الممارس عند الحائط الغربي. وطالب المجلس الوطني اليهودي "فاد لئومي" الإدارة البريطانية بمصادرة الجدار لصالح اليهود.[72] ورداً على ذلك نظم المسلمون لجنة للدفاع عن البراق الشريف[73] وخرجت مسيرات جماهيرية ضخمة في ساحات الأقصى احتجاجاً. وبدأ العمل على الفور في بناء مسجد فوق موقع الصلاة اليهودي وهو عمل مصحوب بالضوضاء في كثير من الأحيان. وقد أثارت بعض الاضطرابات مثل فتح ممر للحمير لمرورها عبر المنطقة غضب المصلين.[74] وبعد مفاوضات مكثفة أنكرت المنظمة الصهيونية أي نية للسيطرة على الحرم الشريف بأكمله لكنها طالبت الحكومة بمصادرة الحي المغربي وهدمه. وقد سمح قانون صدر عام 1924 للسلطات البريطانية بمصادرة الممتلكات وقد أثار الخوف من هذا القانون بدوره قلق المجتمع المسلم مع أن قوانين التبرع بالوقف منعت صراحة أي نوع من التصرف في الممتلكات. وبعد مداولات مطولة صدر الكتاب الأبيض في 11 ديسمبر/كانون الأول 1928 لصالح الوضع الراهن.[75]
بعد ترشيح المفوض السامي الجديد السير جون تشانسلور لخلافة اللورد بلومر في ديسمبر/كانون الأول 1928 أعيد النظر في المسألة وفي فبراير/شباط 1929 أثبتت الآراء القانونية أن السلطة الإلزامية كانت ضمن صلاحياتها للتدخل لضمان حقوق اليهود في الوصول إلى المدينة والصلاة. وطالب الحسيني بتوضيح محدد للوضع القانوني الراهن فيما يتعلق بالجدار. المستشار يدرس إضعاف هيئة كبار العلماء وتقويض سلطة الحسيني من خلال جعل منصب المفتي اختياريا. مر مهرجان النبي موسى في شهر إبريل من ذلك العام دون وقوع أي حوادث مع أن تحذيرات الحسيني من احتمال وقوع حوادث. اعتقد المستشار أن سلطته كانت تتضاءل وبعد التشاور مع لندن اعترف للحسيني في 6 مايو بأنه عاجز عن التصرف بشكل حاسم في هذه المسألة. فأجاب الحسيني أنه ما لم تتصرف السلطات الانتدابية كما يتصرف الرهبان المسيحيون في حماية أماكنهم المقدسة في القدس فإن الشيوخ سوف يضطرون إلى أخذ أي انتهاكات للوضع الراهن على عاتقهم وإزالة أي أشياء أدخلها اليهود إلى المنطقة بأنفسهم. وطلب منه المستشار أن يتحلى بالصبر وعرض الحسيني وقف الأعمال في الجبل بشرط ألا يُفهم هذا على أنه اعتراف بالحقوق اليهودية. وقد أدى تغيير الحكومة في بريطانيا في شهر يونيو/حزيران إلى اقتراح جديد : يجب أن تخضع فقط الأعمال الإسلامية في القطاع القريب من الأماكن التي يصلي فيها اليهود لتصريح إلزامي : يمكن لليهود استخدام الأشياء الطقسية ولكن إدخال المقاعد والشاشات سيكون خاضعًا لتصريح المسلمين. وقد سمح المستشار للمسلمين باستئناف أعمالهم الترميمية وفي الوقت نفسه استجابة لمزيد من الشكاوى الصهيونية أقنع المجلس الإسلامي الأعلى بوقف مراسم الذكر الصاخبة في محيط الجدار.[76] وطلب أيضاً من الممثلين الصهاينة الامتناع عن ملء صحفهم بالهجمات على الحكومة والسلطات الإسلامية. ثم غادر المستشار إلى أوروبا حيث كانت اللجنة الانتدابية تعقد مداولاتها.[77]
أعمال شغب
ومع وجود المستشار في الخارج وتواجد اللجنة الصهيونية ذاتها مع زعيمها العقيد فريدريك كيش في زيوريخ لحضور المؤتمر الصهيوني السادس عشر (الذي حضره أيضاً زئيف جابوتنسكي ) استأنفت اللجنة العسكرية المركزية أعمالها في الحرم بتفويض سري فقط لتُقابل باحتجاجات من الصحافة اليهودية. ونشرت الإدارة القواعد الجديدة بسرعة في 22 يوليو/تموز مع خطأ خطير في الترجمة أدى إلى تأجيج التقارير الصهيونية حول مؤامرة ضد الحقوق اليهودية.[78] وقد أدت الاحتجاجات في لندن إلى إعلان علني من جانب أحد أعضاء اللجنة الصهيونية بأن حقوق اليهود أكبر من الوضع الراهن وهو التصريح الذي شجع بدوره الشكوك العربية في أن الاتفاقيات المحلية كانت تتعرض مرة أخرى للنقض من قبل المؤامرات اليهودية في الخارج. إن الأخبار التي تفيد بأن مؤتمر زيورخ من خلال إنشاء الوكالة اليهودية في 11 أغسطس قد حقق الوحدة بين الصهاينة والمجتمع اليهودي العالمي وهو الإجراء الذي أدى إلى زيادة كبيرة في الاستثمار اليهودي في فلسطين البريطانية[79] أثارت أجراس الإنذار. في 15 أغسطس يوم تيشا بآف وهو يوم إحياء ذكرى تدمير معبد القدس قامت حركة بيتار التعديلية مع أن مناشدة بينهاس روتنبرج في 8 أغسطس إلى القائم بأعمال المفوض السامي هاري لوك بمنع مثل هذه الجماعات من المشاركة[80] بحشد أعضاء من تل أبيب للانضمام إليهم في الاحتفال الديني. وكان كيش قد حظر قبل مغادرته المظاهرات اليهودية في الأحياء العربية في القدس. أضفى شباب بيتار على الاحتفال مسحة وطنية قوية من خلال غناء الهتيكفا والتلويح بعلم إسرائيل وترديد شعار "الجدار لنا".[81][82] وصادف اليوم التاليالمولد النبوي (أو موسين النبي)[83] ذكرى مولد نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم . قام المصلون المسلمون بعد الصلاة في باحة الحرم بالمرور في الممر الضيق بجوار حائط البراق وقاموا بتمزيق كتب الأدعية وأوراق الحائط ولكن دون أن يصاب ثلاثة يهود كانوا موجودين هناك بأذى. واتصل به لوك وتعهد الحسيني ببذل قصارى جهده للحفاظ على الهدوء في الحرم لكنه لم يتمكن من منع المتظاهرين من التجمع عند الحائط.
في 17 أغسطس طعن عرب حتى الموت صبي يهودي صغير أثناء محاولته استعادة كرة القدم بينما أصيب عربي بجروح بالغة في شجار مع يهود فلسطينيين.[84] وبسبب ارتباطه القوي بالحزب المعادي للهاشميين[85] وتعرضه للهجوم من قبل أنصار عبد الله في شرق الأردن بسبب إساءة استخدام الأموال المخصصة للحملات ضد فرنسا طلب الحسيني تأشيرة لنفسه وعوني عبد الهادي للسفر إلى سوريا حيث كانت قيادة القضية السورية المناهضة لفرنسا محل نزاع.[86] وبسبب نفوره من وجوده في سوريا طلب منه الفرنسيون تأجيل الرحلة. وفي هذه الأثناء ومع أن محاضرة هاري لوك للصحفيين بتجنب نشر مثل هذه المواد فقد انتشرت شائعات في كلا المجتمعين حول مذبحة وشيكة لليهود على يد المسلمين واعتداء على الحرم الشريف من قبل اليهود. في 21 أغسطس/آب سار موكب جنازة اتخذ شكل مظاهرة عامة للصبي اليهودي الميت عبر المدينة القديمة حيث قامت الشرطة بمنع محاولات اقتحام الأحياء العربية. وفي الثاني والعشرين من الشهر استدعى لوك ممثلي الطرفين لتهدئة الأمور والتوقيع على إعلان مشترك. وكان عوني عبد الهادي وجمال الحسيني مستعدين للاعتراف بحقوق الزيارة اليهودية للحائط مقابل اعتراف اليهود بالامتيازات الإسلامية في البراق. ولقد اعتبر الممثل اليهودي إسحاق بن تسفي هذا الأمر خارج نطاق صلاحياته التي اقتصرت على دعوة إلى الهدوء ورفضه العرب بدورهم. واتفقوا على مواصلة حوارهم في الأسبوع التالي.
في يوم الجمعة 23 أغسطس قُتل اثنان أو ثلاثة عرب في الحي اليهودي ميا شيريم.[87] وكان أيضًا يومًا للصلاة الإسلامية. وتدفق حشد كبير من الناس من القرى النائية إلى القدس وكان كثير منهم مسلحين بالعصي والسكاكين. ولم يعرف بعد ما إذا كان هذا التحرك منظما من قبل الحسيني أم أنه نتيجة تحرك عفوي. وكان من المقرر أن يلقي خطبة الأقصى واعظ آخر لكن لوقا أقنع الحسيني بمغادرة منزله والذهاب إلى المسجد حيث استقبل بـ"سيف الإيمان" وأمر الواعظ بإلقاء خطبة سلمية بينما أرسل رسالة عاجلة لتعزيزات الشرطة حول الحرم. وردًا على الخطاب السلمي شن المتطرفون هجومًا على الحشد متهمين الحسيني بأنه كافر للقضية الإسلامية. وقد توجه نفس الاتهام العنيف في يافا ضد الشيخ مظفر وهو واعظ إسلامي متطرف والذي ألقى خطبة دعا فيها إلى الهدوء في نفس اليوم. [88] قاموا بشن هجوم على الحي اليهودي. وعلى مدى الأيام التالية وقعت هجمات عنيفة من جانب الغوغاء على المجتمعات اليهودية غذتها شائعات كاذبة حول مذابح مزعومة للعرب ومحاولات للاستيلاء على الجدار في الخليل وصفد وحيفا. وفي المجمل قُتل في عمليات القتل والهجمات الانتقامية التي تلتها 136 عربيًا و135 يهوديًا بينما جُرح 340 من اليهود فضلاً عن ما يقدر بنحو 240 عربيًا.[89]
العواقب
وأُجريت بعد ذلك تحقيقات رسمية من جانب البريطانيين ولجنة الانتداب التابعة لعصبة الأمم. وخلص التقرير الأول، "تقرير شاو" ، إلى أن الحادث الذي وقع في 23 أغسطس/آب كان هجوماً شنه العرب على اليهود لكنه رفض الرأي القائل بأن أعمال الشغب كانت متعمدة. من المؤكد أن الحسيني لعب دورًا نشطًا في المظاهرات الإسلامية منذ عام 1928 فصاعدًا لكن لا يمكن تحميله المسؤولية عن أعمال الشغب التي اندلعت في أغسطس حتى لو كان له "نصيب في المسؤولية عن الاضطرابات".[90] ومع ذلك فقد تعاون منذ الثالث والعشرين من ذلك الشهر في تهدئة مثيري الشغب وإعادة إرساء النظام. وقد حدثت أسوأ حالات تفشي المرض في المناطق التي سيطر عليها خصومه السياسيون العرب مثل الخليل وصفد ويافا وحيفا. وكان السبب الجذري وراء اندلاع أعمال العنف يكمن في الخوف من الاستيلاء على الأراضي.[91] وفي مذكرة تحفظ ذكر السيد هاري سنيل الذي يبدو أنه تأثر بنجل السير هربرت صموئيل وإدوين صموئيل[92] أنه مع أنه كان مقتنعًا بأن الحسيني لم يكن مسؤولاً بشكل مباشر عن العنف أو أنه تواطأ فيه إلا أنه كان يعتقد أن الحسيني كان على دراية بطبيعة الحملة المناهضة للصهيونية وخطر الاضطرابات.[93] ولذلك نسب إلى المفتي نصيباً أكبر من اللوم مما ورد في التقرير الرسمي.[93] وقد زعم نائب رئيس لجنة الانتدابات الدائمة الهولندي السيد فان ريس أن "اضطرابات أغسطس/آب 1929 وكذلك الاضطرابات السابقة ذات الطابع المماثل لم تكن باختصار سوى جانب خاص من المقاومة التي ظهرت في كل مكان في الشرق بحضارته التقليدية والإقطاعية ضد غزو الحضارة الأوروبية التي فرضتها الإدارة الغربية" ولكنه خلص إلى أنه يرى أن "المسؤولية عما حدث تقع على عاتق الزعماء الدينيين والسياسيين للعرب".[94]
وفي لندن طالب اللورد ميلشيت بالقبض عليه بتهمة تدبير كافة الاضطرابات المناهضة لبريطانيا في مختلف أنحاء الشرق الأوسط . لقد رفضت الوثائق القنصلية فرضية المؤامرة بسرعة وحددت السبب الأعمق باعتباره سياسياً وليس دينياً وهو ما حدده تقرير بالين في وقت سابق[95] على أنه استياء عربي عميق من الصهيونية. مذكرات عربية عن فتنة (الاضطرابات) تأتي بعد إعلان معاصر للدفاع عن الجدار في 31 أغسطس/آب والذي برر أعمال الشغب باعتبارها مشروعة لكنه لم يذكر في أي مكان خطة منسقة. ويؤكد عزت دروزة وهو منافس قومي عربي للحسيني بمفرده دون تفاصيل أن الحسيني كان مسؤولاً. ولم يزعم الحسيني في مذكراته المعادية لليهود[96] أنه لعب مثل هذا الدور.[97]
وقد استقبل المفوض السامي الحسيني رسميا مرتين في الأول من أكتوبر/تشرين الأول 1929 وفي الأسبوع التالي وقد اشتكى الأخير من التحيز المؤيد للصهيونية في منطقة لا يزال السكان العرب ينظرون فيها إلى بريطانيا العظمى بشكل إيجابي. وزعم الحسيني أن ضعف الموقف العربي كان في افتقارهم إلى التمثيل السياسي في أوروبا في حين أن اليهود في رأيه كانوا مسيطرين لآلاف السنين بعبقريتهم في المؤامرات. وأكد للمستشار تعاونه في الحفاظ على النظام العام.[98]
الأنشطة السياسية 1930-1935

وبحلول عامي 1928 و1929 بدأ ائتلاف من جماعة وطنية فلسطينية جديدة في تحدي الهيمنة التي كان الحسيني يمارسها حتى ذلك الحين. كانت المجموعة أكثر براغماتية وكانت تنحدر من طبقة مالكي الأراضي ودوائر الأعمال وكانت عازمة على ما اعتبرته سياسة التكيف الأكثر واقعية مع الحكومة الانتدابية. ومنذ تلك الفترة نشأ خلاف تطور إلى عداوة بين النخبة القيادية من العرب الفلسطينيين.[99]
وفي عام 1931 أسس الحسيني المؤتمر الإسلامي العالمي وكان رئيساً له. وتختلف الروايات حول ما إذا كان الحسيني قد دعم عز الدين القسام أم لا عندما قام بأنشطة سرية ضد سلطات الانتداب البريطاني. وكان الحسيني قد وافق على تعيينه إماماً لمسجد الاستقلال في حيفا. ويزعم لاخمان أنه شجع القسام سراً وربما قام بتمويلها في هذه الفترة. ومهما كانت علاقاتهما فإن نشاط الأخير المستقل وتحديه العلني للسلطات البريطانية يبدو أنه أدى إلى قطيعة بين الاثنين.[100] لقد عارض بشدة ابتزازات القساميين للطوائف المسيحية والدرزية.[101] وفي عام 1933 وفقاً لعلامي أعرب الحسيني عن اهتمامه باقتراح بن غوريون بإنشاء دولة يهودية في فلسطين كجزء من اتحاد عربي أكبر. [ه]
بحلول عام 1935 تولى الحسيني السيطرة على منظمة سرية واحدة لم يتم إخباره بطبيعتها حتى العام السابق[102] والتي قاموا بإنشاؤها في عام 1931 من قبل ابن موسى كاظم الحسيني عبد القادر الحسيني وقاموا بتجنيدها من حركة الكشافة العربية الفلسطينية والتي تسمى "الجهاد المقدس" (الجهاد المقدس).[103] وهذه منظمة شبابية شبه عسكرية أخرى، الفتوة موازية للهاجاناه اليهودية السرية. وقد أدت الشائعات واكتشاف مخابئ وشحنات الأسلحة من حين لآخر إلى تعزيز الاستعدادات العسكرية على الجانبين.[104]
الثورة العربية في فلسطين 1936-1939
في 19 أبريل 1936 اندلعت موجة من الإضرابات الاحتجاجية والهجمات ضد السلطات البريطانية واليهود في فلسطين. في البداية قاد أعمال الشغب فرحان السعدي وهو شيخ مسلح من كتائب القسام الشمالية وله صلات مع عائلة النشاشيبي. وبعد اعتقال فرحان وإعدامه استولى الحسيني على زمام المبادرة من خلال التفاوض على التحالف مع فصيل القسام.[105] وبعيدًا عن بعض الإعانات الأجنبية بما في ذلك مبلغ كبير من إيطاليا الفاشية[106] فقد كان يسيطر على الأوقاف وصناديق الأيتام التي كانت تولد دخلاً سنويًا يبلغ نحو 115 ألف جنيه فلسطيني. وبعد اندلاع الثورة أستخدم معظم تلك الأموال لتمويل أنشطة ممثليه في كافة أنحاء البلاد. وفي شهر يوليو/تموز أوضح للقنصل العام الإيطالي في القدس ماريانو دي أنجيليس أن قراره بالتدخل المباشر في الصراع كان نابعاً من الثقة التي وضعها في دعم الدكتاتور الإيطالي بينيتو موسوليني ووعوده.[107] وبمبادرة من الحسيني شكل زعماء العشائر العربية الفلسطينية اللجنة العربية العليا برئاسته. ودعت اللجنة إلى الامتناع عن دفع الضرائب بعد 15 مايو/أيار وإلى إضراب عام للعمال والشركات العربية مطالبة بإنهاء الهجرة اليهودية. ورد المفوض السامي البريطاني في فلسطين السير آرثر واكهوب بالدخول في مفاوضات مع الحسيني واللجنة. لكن المحادثات سرعان ما أثبتت عدم جدواها. أصدر الحسيني سلسلة من التحذيرات مهددًا بـ"انتقام الله تعالى" ما لم تتوقف الهجرة اليهودية وبدأ الإضراب العام مما أدى إلى شل الحكومة والنقل العام والشركات العربية والزراعة.[108]
ومع مرور الوقت وبحلول الخريف استنفدت الطبقة المتوسطة العربية مواردها.[109] وفي ظل هذه الظروف كانت الحكومة المنتدبة تبحث عن وسيط يمكن أن يساعد في إقناع اللجنة العربية العليا بإنهاء التمرد. ورفض الحسيني واللجنة الملك عبد الله ملك الأردن كوسيط بسبب اعتماده على البريطانيين وصداقته مع الصهاينة ولكنهم قبلوا وزير الخارجية العراقي نوري السعيد. وبما أن واكهوب حذر من حملة عسكرية وشيكة وعرض في الوقت نفسه إرسال لجنة تحقيق ملكية لسماع الشكاوى العربية فقد ألغت اللجنة العربية العليا الإضراب في 11 أكتوبر/تشرين الأول.[110] وعندما وصلت لجنة التحقيق الملكية الموعودة إلى فلسطين في نوفمبر/تشرين الثاني شهد الحسيني أمامها بصفته الشاهد الرئيسي للعرب.[110]

في يوليو 1937 أُرسلت الشرطة البريطانية لاعتقال الحسيني بسبب دوره في الثورة العربية ولكن بعد تلقيها معلومات تمكن من الفرار إلى ملجأ اللجوء في الحرم. وبقي هناك لمدة ثلاثة أشهر يوجه الثورة من الداخل. بعد أربعة أيام من اغتيال القائم بأعمال مفوض المنطقة لويس ييلاند أندروز على يد أعضاء جليليين من جماعة القسام في 26 سبتمبر عزل الحسيني من رئاسة المجلس الإسلامي الأعلى و أعلن اللجنة العربية العليا غير قانونية وصدرت أوامر اعتقال لقادتها باعتبارهم "مسؤولين أخلاقياً على الأقل"مع أن عدم وجود أدلة على تواطؤهم.[111] ومن بينهم فقط جمال الحسيني تمكن من الفرار إلى سوريا أما الخمسة الباقون فقد تم نفيهم إلى جزر سيشل. ولم يكن الحسيني من بين المتهمين ولكن خوفاً من السجن فر في 13-14 أكتوبر/تشرين الأول بعد أن انزلق تحت جنح الظلام على حبل من جدار الحرم في سيارة تابعة لشرطة فلسطين إلى يافا حيث ركب باخرة ركاب[112] نقلته إلى لبنان متنكراً في زي بدوي[113] حيث أعاد تشكيل اللجنة تحت قيادته.[114] ورغم استخدام كلا الجانبين للإرهاب[115] فإن تكتيكات الحسيني وإساءة استخدامه للسلطة لمعاقبة العشائر الأخرى وقتل الخصوم السياسيين الذين اعتبرهم "خونة"[116] أدت إلى نفور العديد من العرب الفلسطينيين. وقال أحد القادة المحليين أبو شعير لداود الحسيني وهو مبعوث من دمشق يحمل قائمة بأسماء الأشخاص الذين سيغتالهم أثناء الانتفاضة : "أنا لا أعمل لصالح الحسينية ". ("الحسينية") ولكن الوطنية (القومية)."[117] وبقي في لبنان لمدة عامين تحت المراقبة الفرنسية في قرية زوق المسيحية[118] ولكن في أكتوبر 1939 أدت علاقته المتدهورة مع السلطات الفرنسية والسورية فقد طلبوا منه أن يعلن علناً دعمه لبريطانيا العظمى وفرنسا[119] إلى انسحابه إلى مملكة العراق. بحلول شهر يونيو/حزيران 1939 وبعد تفكك الثورة تغيرت سياسة الحسيني المتمثلة في قتل المرتدين فقط إلى سياسة تصفية جميع المشتبه بهم حتى أفراد عائلته وفقًا لتقرير استخباراتي واحد.[120]
استمرت الثورة نفسها حتى مارس/آذار 1939 عندما قمعتها القوات البريطانية أخيرًا بمساعدة القوات الصهيونية بتفوقها على الفلسطينيين بنسبة 10/1.[121] كان الحسيني مكتئبًا بدرجة كافية بسبب النتيجة والخسارة الشخصية للعديد من الأصدقاء والأقارب[122] لدرجة أنه فكر في الانتحار وفقًا للمفوض السامي الفرنسي في لبنان.[123] ومع ذلك أجبرت الثورة بريطانيا على تقديم تنازلات كبيرة للمطالب العربية. وكان من المقرر أن تستمر الهجرة اليهودية ولكن تحت القيود مع حصة قدرها 75 ألف مكان موزعة على السنوات الخمس التالية. وبعد انتهاء هذه الفترة فإن الهجرة اليهودية الإضافية سوف تعتمد على موافقة العرب. وبالإضافة إلى الاضطرابات المحلية كان هناك عامل رئيسي آخر في إحداث تغيير حاسم في السياسة البريطانية وهو استعدادات ألمانيا النازية لحرب أوروبية والتي من شأنها أن تتطور إلى صراع عالمي. وفي الفكر الاستراتيجي البريطاني كان تأمين ولاء ودعم العالم العربي أمراً بالغ الأهمية.[124] ورغم أن الدعم اليهودي لم يكن موضع شك فإن الدعم العربي في صراع عالمي جديد لم يكن مضموناً بأي حال من الأحوال. ومن خلال الوعد بالتخلص التدريجي من الهجرة اليهودية إلى فلسطين كانت بريطانيا تأمل في استعادة دعم العرب المترددين.[125] وقد نجح الحسيني المتحالف مع عناصر متطرفة في المنفى تنحدر من عائلات فلسطينية إقليمية في إقناع اللجنة العربية العليا على عكس العائلات الفلسطينية المعتدلة التي كانت تميل إلى قبولها برفض الكتاب الأبيض لعام 1939 الذي أوصى بإقامة دولة ذات أغلبية عربية ووقف بناء وطن قومي يهودي. وكان الرفض مبنياً على فشلها الملحوظ في الوعد بإنهاء الهجرة وكان يُعتقد أن سياسة الأراضي التي دعت إليها لا تقدم حلولاً كاملة : وكان يبدو أن الاستقلال الموعود يعتمد على موافقة اليهود وتعاونهم. كان الحسيني الذي هددت هذه الترتيبات مصالحه الشخصية أيضًا[126] يخشى أيضًا أن يؤدي القبول إلى تقوية موقف خصومه السياسيين في الحركة الوطنية الفلسطينية مثل النشاشيبيين.[127] وقد زعم شوانيتز وروبين أن الحسيني كان له تأثير كبير على هتلر وأن رفضه كان ومن المفارقات العامل السببي الحقيقي وراء إنشاء دولة إسرائيل وهي أطروحة يجدها ميكيتش الذي يعتبر الحسيني "معادياً للسامية بشكل متطرف" و"مدهشة" و"سخيفة" لأنها تستلزم منطقياً الأطروحة الجانبية القائلة بأن الحركة الصهيونية هي التي أشعلت شرارة الهولوكوست.[128]
تكتب نيف جوردون أن الحسيني اعتبر كل الآراء القومية البديلة خيانة وأصبح المعارضون خونة ومتعاونين وكان رعاية اليهود أو توظيفهم من أي نوع أمراً غير شرعي.[129] ومن بيروت استمر في إصدار التوجيهات. وارتفع ثمن قتل زعماء المعارضة وزعماء السلام بحلول شهر يوليو/تموز إلى 100 جنيه فلسطيني : 25 جنيهاً للمشتبه به بالخيانة و10 جنيهات لليهودي. ومع أن ذلك فقد أعيد تأسيس العلاقات مع اليهود من قبل عائلات بارزة مثل عائلة النشاشيبي وعائلة فاهوم الناصرة.[130]
العلاقات مع دول المحور خلال الحرب العالمية الثانية
منذ عام 1918 ظلت الحركات القومية العربية تحت وطأة القيود التي فرضتها الثنائية الإمبريالية الفرنسية ـ الإنجليزية في الشرق الأوسط والتي امتدت بدورها إلى مجال السياسة الدولية. لقد رأى العرب أن مصالحهم مرتبطة بإضعاف هاتين القوتين في نهاية المطاف كشرط مسبق لترسيخ استقلالهم الوطني. ولهذا السبب فمنذ يونيو/حزيران 1933 كان معروفاً حتى عن أكثر وجهاء فلسطين تأثراً بالثقافة الأوروبية أنهم كانوا يتطلعون إلى اندلاع حرب جديدة في أوروبا وهو الأمر الذي من شأنه أن يمكنهم من إسقاط القبضة الاستعمارية على بلدانهم وطرد ("إلقاء في البحر") اليهود في فلسطين والفرنسيين في سوريا والإنجليز في مختلف أنحاء العالم العربي. وكان الحسيني واحدًا فقط من العديد من الشخصيات المرموقة التي استقبلت بتفاؤل ظهور نظام جديد في ألمانيا في ذلك العام.[131]
كان النازيون ينظرون إلى العرب عمومًا بازدراء.[132] وكان هتلر نفسه قد تحدث عنهم في عام 1937 باعتبارهم "نصف قردة".[133] ومع ذلك طوال فترة ما بين الحربين العالميتين لم يكن القوميون العرب يحملون أي ضغينة تجاه ألمانيا (مع أن دعمها السابق للإمبراطورية العثمانية). وكما هو الحال مع العديد من الدول العربية كان يُنظر إلى ألمانيا باعتبارها ضحية للتسوية التي أعقبت الحرب العالمية الأولى. وكان هتلر نفسه يتحدث في كثير من الأحيان عن "عار فرساي". وعلى النقيض من فرنسا وبريطانيا العظمى لم تمارس ألمانيا أي مخططات إمبريالية في الشرق الأوسط وكان يُنظر إلى سياستها السابقة في عدم التدخل على أنها علامة على حسن النية.[134] في حين أن الإجماع العلمي هو أن دوافع الحسيني لدعم قوى المحور وتحالفه مع ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية كانت متأثرة بشدة بالإيديولوجية المعادية لليهود والصهيونية منذ البداية[135] ينكر بعض العلماء ولا سيما رينزو دي فيليس أن العلاقة يمكن أن تؤخذ على أنها تعكس تقاربًا مفترضًا بين القومية العربية والأيديولوجية النازية / الفاشية وأن رجالًا مثل الحسيني اختاروهم كحلفاء لأسباب استراتيجية بحتة[136] على أساس أن الحسيني كتب لاحقًا في مذكراته "عدو عدوك هو صديقك".[137] كانت السياسة البريطانية تتمثل في دفع الحسيني إلى "النسيان" من خلال تجاهله وقد سعى نوري السعيد من خلال الوساطة إلى إقناعه بالانحياز إلى الحلفاء ضد الألمان. وقد نظر في هذه المقدمة ثم رفضت : فوفقًا لفيليب مطر كان الحسيني مترددًا في إقراض صوته لدعم بريطانيا "لأنها دمرت القرى الفلسطينية وأعدمت وسجنت المقاتلين الفلسطينيين ونفت قادتهم".[138]
وعندما التقى الحسيني في نهاية المطاف بهتلر وريبنتروب في عام 1941 أكد لهتلر أن "العرب هم الأصدقاء الطبيعيون لألمانيا لأن لديهم نفس الأعداء... أي الإنجليز واليهود والشيوعيين".[139] كان هتلر مسرورًا به واعتبره "الممثل الرئيسي في الشرق الأوسط" وآريًا بسبب بشرة الحسيني الفاتحة وشعره الأشقر وعينيه الزرقاوين.[140]
قبل الحرب
وقد قيل مراراً وتكراراً أن النازيين هم من ألهموا وموّلوا الثورة العربية. وفقًا لفيليب ماتار لا يوجد دليل موثوق يدعم مثل هذا الادعاء.[141] في عام 1933 وبعد أسابيع من صعود هتلر إلى السلطة في ألمانيا أرسل القنصل العام الألماني في القدس لفلسطين هاينريش وولف[142][143] وهو مؤيد صريح للصهيونية[144] برقية إلى برلين ينقل فيها اعتقاد الحسيني بأن المسلمين الفلسطينيين متحمسون للنظام الجديد ويتطلعون إلى انتشار الفاشية في جميع أنحاء المنطقة. والتقى وولف بالحسيني وعدد من الشيوخ مرة أخرى بعد شهر في النبي موسى. وأعربوا عن موافقتهم على مقاطعة اليهود في ألمانيا وطلبوا من وولف عدم إرسال أي يهود إلى فلسطين.[145] وكتب وولف بعد ذلك في تقريره السنوي لذلك العام أن السذاجة السياسية للعرب أدت إلى فشلهم في إدراك الصلة بين السياسة اليهودية الألمانية ومشاكلهم في فلسطين وأن حماسهم لألمانيا النازية كان خالياً من أي فهم حقيقي لهذه الظاهرة.[146] لقد رفضت المقترحات المختلفة التي قدمها وجهاء العرب الفلسطينيين مثل الحسيني باستمرار على مر السنين من باب الحرص على تجنب تعطيل العلاقات الأنجلو ألمانية بما يتماشى مع سياسة ألمانيا المتمثلة في عدم تعريض مصالحها الاقتصادية والثقافية في المنطقة للخطر من خلال تغيير سياستها الحيادية واحترام المصالح البريطانية. سياسة هتلر تجاه سياسة إنجلترا لقد حالت هذه السياسة دون تقديم مساعدة كبيرة للقادة العرب.[147] كان هذا الاهتمام بمعاملة المبادرات الاستعمارية الإنجليزية باحترام (مثل تعزيز الهجرة الصهيونية) مرتبطًا أيضًا بطموحات النازيين لطرد اليهود من أوروبا.[131]
كما أن إيطاليا جعلت طبيعة مساعداتها للفلسطينيين مشروطة بنتائج مفاوضاتها مع بريطانيا وقطعت المساعدات عندما بدا أن البريطانيين مستعدون للاعتراف بفشل سياستهم المؤيدة للصهيونية في فلسطين.[148] وكان خصم الحسيني زئيف جابوتنسكي قد قطع في الوقت نفسه علاقات منظمة إرجون مع إيطاليا بعد إقرار التشريعات العنصرية المعادية للسامية.
ورغم أن إيطاليا عرضت مساعدات كبيرة فقد وصلت بعض المساعدات الألمانية أيضاً. بعد طلب الدعم من القنصل العام الألماني الجديد هانز دوله في 21 يوليو 1937 قامت قوات الدفاع الألمانية باستثناء مؤقت من سياستها وقدمت بعض المساعدات المحدودة. لكن الهدف من ذلك كان ممارسة الضغط على بريطانيا بشأن تشيكوسلوفاكيا. لم تتحقق شحنات الأسلحة الموعودة أبدًا.[149] ولم تكن هذه هي الجبهة الدبلوماسية الوحيدة التي كان الحسيني نشطاً فيها. وبعد شهر من زيارته لدولي كتب إلى القنصل الأمريكي جورج وادزورث (أغسطس/آب 1937) الذي أعرب له عن اعتقاده بأن أمريكا بعيدة عن الطموحات الإمبريالية وثم قادرة على فهم أن الصهيونية "تمثل عدوانًا عدائيًا وإمبرياليًا موجهًا ضد بلد مأهول بالسكان". وفي اجتماع مع وادزورث في 31 أغسطس أعرب عن مخاوفه من أن النفوذ اليهودي في الولايات المتحدة قد يقنع البلاد بالانحياز إلى الصهاينة.[150] وفي نفس الفترة سعى إلى كسب ود الحكومة الفرنسية معربًا عن استعداده لمساعدتهم في المنطقة.[151]
الحسيني في العراق
مع اندلاع الحرب العالمية الثانية في سبتمبر 1939 استجابت الحكومة العراقية لطلب بريطاني بقطع العلاقات الدبلوماسية مع ألمانيا واعتقلت جميع المواطنين الألمان وفرضت تدابير طارئة وضعت العراق في حالة حرب فعلية.[152] وفي هذه الأثناء تسلل الحسيني بهدوء من بيروت مع عائلته في 14 أكتوبر/تشرين الأول 1939 ووصل إلى بغداد بعد يومين.[153] هناك رحب به باعتباره القومي العربي الرائد في عصره ووريث الملك فيصل مؤسس العراق الحديث.[138]
وقد دعاه مجموعة من سبعة ضباط عارضوا هذا القرار الحكومي والإجراءات المتخذة بموافقة نوري السعيد إلى العراق وكان من المقرر أن يلعب دوراً مؤثراً هناك في العامين التاليين.[154] كان نوري السعيد يأمل في التفاوض على التنازلات بشأن فلسطين مع البريطانيين مقابل إعلان دعمه لبريطانيا العظمى.[155] كان هناك أربعة جنرالات أصغر سناً من بين السبعة ثلاثة منهم خدموا مع الحسيني في الحرب العالمية الأولى وكانوا معادين لفكرة إخضاع المصالح الوطنية العراقية لاستراتيجية الحرب البريطانية ومتطلباتها.[156] وقد استجابوا للتوقعات العامة العالية لتحقيق الاستقلال عن بريطانيا والإحباط العميق إزاء معاملة الفلسطينيين من قبل الأخيرة.[157] وفي مارس 1940 تولى الوطني رشيد عالي مكان نوري السعيد. أجرى علي اتصالات سرية مع الممثلين الألمان في الشرق الأوسط مع أنه لم يكن بعد مؤيدًا صريحًا لدول المحور وكان السكرتير الشخصي للحسيني كمال حداد يعمل كحلقة وصل بين دول المحور وهؤلاء الضباط.[158]
ومع تدهور الوضع الأوروبي بالنسبة للحلفاء نصح الحسيني العراق بالالتزام بحرف المعاهدة مع بريطانيا العظمى وتجنب الانجرار إلى الحرب من أجل الحفاظ على طاقاتها لتحرير الدول العربية. ولكن إذا ما وقفت روسيا واليابان وإيطاليا إلى جانب ألمانيا فيتعين على العراقيين أن يعلنوا الثورة في فلسطين.[159] في يوليو 1940 تمكن العقيد س.ف. نيوكومب من التوصل إلى اتفاق مع نوري السعيد الذي كان وزيراً للخارجية آنذاك والفلسطينيين جمال الحسيني وموسى العلمي يقضي بأن يدعم العرب الفلسطينيون بريطانيا ويوافقوا على الكتاب الأبيض لعام 1939 في مقابل التنفيذ الفوري للبند المتعلق باستقلال البلاد. تعهد العراق بوضع نصف جيشه تحت قيادة الحلفاء خارج حدود البلاد.[160][161] وفي 29 أغسطس/آب تراجع البريطانيون عن الاتفاق الذي عارضه الحسيني بشدة في البداية[138] حتى بدأت الحكومة العراقية بالضغط عليه. لقد تراجع البريطانيون عن موقفهم خوفاً من رد الفعل العدائي الذي قد يثيره الاتفاق بين يهود فلسطين وبين اليهود الأميركيين الذين كان رأيهم مهماً بالنسبة لبريطانيا للحصول على الدعم الأميركي في الحرب. وفي ذلك الصيف تخلت بريطانيا عن كل محاولاتها للتعامل مع الحسيني وانضم هو إلى ألمانيا.[162] وفي الوقت نفسه تفاقم استياء الحسيني من سياسات نوري الموالية للبريطانيين بسبب رفض الأخير التدخل لدى البريطانيين نيابة عن عائلات 39 فلسطينياً كان يعرفهم جميعاً والذين حُكم عليهم بالإعدام في محاكمات سرية بتهمة الدفاع عن بلادهم من وجهة نظر الحسيني.[163]
في 23 مايو 1940 اقترح بنحاس روتنبرغ على المسؤول البريطاني بروس لوكهارت اغتيال الحسيني. تمت مناقشة الفكرة على نطاق واسع بعد بضعة أشهر فقط. وقد وافقت وزارة الحرب وونستون تشرشل رسميًا على اغتياله في نوفمبر من ذلك العام،[164] ولكن الاقتراح وضعت على الرف بعد ظهور اعتراضات من وزارة الخارجية التي كانت قلقة بشأن التأثير الذي قد تحدثه محاولة اغتياله في العراق حيث كانت مقاومته للبريطانيين موضع إعجاب واسع النطاق.[165] بعد انقلاب أبريل 1941 طلبت بريطانيا المساعدة من منظمة إرجون بعد أن تمكن الجنرال بيرسيفال ويفيل من إطلاق سراح أحد قادتهم وديفيد رازيل من سجنه في فلسطين. وسألوه هل يقبل أن يقوم بقتل الحسيني أو اختطافه وتدمير مصافي النفط العراقية؟ وافق رازيل بشرط أن يُسمح له باختطاف الحسيني.[166] تم نقل رازيل ومقاتلين آخرين من منظمة إرجون جواً إلى قاعدة سلاح الجو الملكي البريطاني في الحبانية حيث توفي بعد يومين في 20 مايو 1941 عندما تعرضت السيارة التي كان يستقلها لقصف من طائرة ألمانية.[167]
استغل الحسيني نفوذه وعلاقاته مع الألمان لتعزيز القومية العربية في العراق. وكان من بين المروجين الرئيسيين لنادي المثنى القومي العربي ودعم الانقلاب الذي قاده رشيد علي في أبريل 1941. وعندما اندلعت الحرب الأنجلو عراقية والتي استخدمت خلالها بريطانيا قوة فلسطينية متنقلة من القوات البريطانية واليهودية ووحدات من الفيلق العربي[168] استخدم الحسيني نفوذه لإصدار فتوى بالحرب المقدسة ضد بريطانيا. وتدهورت أوضاع يهود العراق بسرعة حيث وقعت عمليات ابتزاز وأحياناً جرائم قتل. وفي أعقاب الهزيمة العراقية وانهيار حكومة رشيد علي اندلعت مذبحة الفرهود في بغداد بقيادة أعضاء نادي المثنى[169] الذي كان بمثابة قناة لتمويل الدعاية الألمانية[170] في يونيو/حزيران 1941. كانت هذه أول مذبحة عراقية منذ قرن من الزمان وهي مذبحة غذتها مشاعر معادية لليهود أججتها الصراعات المستمرة بين العرب واليهود في فلسطين على مدى العقد السابق.[171]
وعندما انهارت المقاومة العراقية نظراً لندرتها ولعبت المساعدات الألمانية والإيطالية دوراً لا يذكر في الحرب[172] هرب الحسيني من بغداد في 30 مايو/أيار 1941 إلى بلاد فارس (مع رشيد علي) حيث حصل على حق اللجوء خارج الإقليم أولاً من جانب اليابان ثم من جانب إيطاليا. في 8 أكتوبر بعد احتلال بلاد فارس من قبل الحلفاء وبعد أن قطعت الحكومة الفارسية الجديدة بقيادة الشاه محمد رضا بهلوي العلاقات الدبلوماسية مع قوى المحور وضع الحسيني تحت الحماية الإيطالية.[173] في عملية نظمتها المخابرات العسكرية الإيطالية (خدمة المعلومات العسكرية ، أو أس أي أم).[174] لم يكن الحسيني موضع ترحيب في تركيا ولم يُمنح الإذن أو التأشيرة للدخول ومع ذلك سافر عبر تركيا بمساعدة دبلوماسيين إيطاليين ويابانيين للوصول إلى بلغاريا وفي النهاية إلى إيطاليا.[175]
انظر أيضًا
مراجع
- ^ https://afroasian.mediaplaygrounds.co.uk/.
{{استشهاد ويب}}
:|url=
بحاجة لعنوان (مساعدة) والوسيط|title=
غير موجود أو فارغ (من ويكي بيانات) (مساعدة) - ^ Encyclopædia Britannica | Amin al-Husayni (بالإنجليزية), QID:Q5375741
- ^ Brockhaus Enzyklopädie | Mohammed Said Amin al- Husaini (بالألمانية), OL:19088695W, QID:Q237227
- ^ شخصيات فلسطينية (PDF). الجمعية الأكاديمية الفلسطينية لدراسة الشؤون الدولية. ديسمبر 2008. ص. 42. ISBN:978-9950-305-00-7. QID:Q123497823.
- ^ Mattar, Philip (2003). "al-Husayni, Amin". in Mattar, Philip. Encyclopedia of the Palestinians (Revised Edition ed.). New York: Facts On File. (ردمك 978-0-8160-5764-1).
- ^ Henry Laurens, La Question de Palestine, Fayard, Paris, vol. 2, 2002 p. 624 n. 5, explaining that al-Husayni had obvious reasons for passing himself off as older than he was. In the 1st volume of his trilogy (1999 p.425) Laurens had used Mattar's dating
- ^ Henry Laurens, La Question de Palestine, Fayard, Paris, vol. 1 1999 p. 425
- ^ Huneidi A Broken Trust, Herbert Samuel, Zionism and the Palestinians. 2001 p. 35
- ^ Weldon C. Matthews Confronting an Empire, Constructing a Nation: : Arab Nationalists and Popular Politics in Mandate Palestine, I.B. Tauris, 2006 p. 31
- ^ أيوب, محمد شعبان. "أمين الحسيني.. حين تعاون مفتي القدس مع هتلر وموسوليني". الجزيرة نت (بar-EG). Archived from the original on 2024-01-12. Retrieved 2024-01-12.
{{استشهاد ويب}}
: صيانة الاستشهاد: لغة غير مدعومة (link) - ^ ا ب ج د إسرائيل تهدم بيت مفتي القدس نسخة محفوظة 12 يناير 2011 على موقع واي باك مشين.. موقع الجزيرة،2011-1-9. وصل لهذا المسار في 11 يناير 2011. "نسخة مؤرشفة". مؤرشف من الأصل في 2011-01-12. اطلع عليه بتاريخ 2011-01-11.
{{استشهاد ويب}}
: صيانة الاستشهاد: BOT: original URL status unknown (link)[وصلة مكسورة] - ^ كلينتون: إقدام إسرائيل على هدم فندق في القدس الشرقية يقوض جهود السلام. موقع البي بي سي، 2011-1-9. وصل لهذا المسار في 11 يناير 2011. نسخة محفوظة 6 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
- ^ إدانات لهدم مقر مفتي القدس السابق نسخة محفوظة 13 يناير 2011 على موقع واي باك مشين. موقع الجزيرة،2011-1-9. وصل لهذا المسار في 11 يناير 2011. "نسخة مؤرشفة". مؤرشف من الأصل في 2011-01-13. اطلع عليه بتاريخ 2011-01-11.
{{استشهاد ويب}}
: صيانة الاستشهاد: BOT: original URL status unknown (link)[وصلة مكسورة] - ^ Mattar 1992، صفحة 6; Pappé 1994، صفحة 2.
- ^ Laurens 1999، صفحة 425.
- ^ ا ب Krämer 2008، صفحة 219.
- ^ Laurens 1999، صفحات 425–426.
- ^ Laurens 1999، صفحات 426,675 n16.
- ^ Sicker 2000، صفحة 33 Krämer 2008، صفحة 219;
- ^ Pappé 2010، صفحات 147–148.
- ^ Achcar 2010c، صفحة 131.
- ^ ا ب ج Matthews 2006، صفحة 31.
- ^ Elpeleg 2007، صفحة 3.
- ^ Laurens 1999، صفحة 409: "Selon Jaussen (Antonin Jaussen?), le nombre d'Arabes palestiniens reclutés dépasse les 500."
- ^ Krämer 2008، صفحات 152–153:Both local Palestinian Arabs and Jews played almost no role in the conquest of Palestine: the former enlisted after the Arab revolt and were active east of the Jordan, the latter were recruited after the conquest of Jerusalem and saw little military action.
- ^ Huneidi 2001، صفحة 35.
- ^ Friedman 2000، صفحات 239–240.
- ^ Huneidi 2001، صفحة 40. The report was never published, the newly appointed High Commissioner Sir Herbert Samuel informing the War Office that it was best forgotten.
- ^ Schechtman 1986، صفحات 334–337.
- ^ Elpeleg 2007، صفحة 6.
- ^ Laurens 1999، صفحات 506–512.
- ^ Sicker 2000، صفحات 23ff. for a reading which follows closely Meinertzhagen's reading of the events as a British army plot.
- ^ Regarding the whole period preceding the riot, marked by conflicting rumours, Laurens writes:"For several months, the intelligence service Zionists organised in 1918 multiplied warnings about plots by Arab activists. These pieces of information never received any confirmation from the British (or French) intelligence service. Later Arab sources show this quite clearly: no one claimed responsibility for any planning (prémeditation) for the events, even several decades afterwards". Laurens 1999، صفحة 506.
- ^ Tauber 1994، صفحة 102.
- ^ Huneidi 2001، صفحة 37 citing the Palin Report, pp. 29–33.
- ^ Laurens 1999، صفحة 545. 1920 was considered the "year of disaster" (am al-nakba) after the failure, with the French overthrow of Faisal, of the pan-Arab project for a Greater Syria, embracing also Lebanon and Palestine. The Haifa conference, 13–20 December 1920, "marks the basic date in the history of the Palestinian question: it is the historical moment where the Palestinian version of nationalism prevails over the pan-Arab version."
- ^ Kimmerling & Migdal 2003، صفحات 81–86."Faysal's fall marked an important turning point. From then until 1948, Palestinian politics and loyalties were determined by the idea of an independent Palestine." (p.86) "The platform drawn up in Haifa would change little over the next few decades. It contained the following six elements: the first public recognition of Palestine, as it would be constituted by the mandate, as a distinct political entity for the people living there.. a total rejection of any political or moral right of the Jews over Palestine; a declaration of unity among the Palestinian Arabs to supersede any other loyalties, such as those to religion, region, and clan; a call to the new administration to halt any transfers of Arab or state lands to Jewish control; the demand to close Palestine to further immigration; a call to recognize the Arab executive Committee.. as a legitimate representative of the population before the British authorities (with a status similar to that defined for the Jewish Agency).." (p.86)
- ^ Milton-Edwards 1999، صفحة 25:"Through his position Haj Amin, with the blessing of the British, was able to play a pivotal role in the course of Palestinian nationalist politics. He sought eventually to combine his religious role with his political position in the burgeoning area of Palestinian nationalist agitation."
- ^ Nicosia 2008.
- ^ Tauber 1994، صفحات 105–109.
- ^ Ghandour 2009، صفحة 142.
- ^ Morris 2011، صفحات 111ff.
- ^ Elpeleg 2007، صفحات 7–10.
- ^ Kupferschmidt 1987، صفحات 19,78:"Soon after the British began to style Kāmil al-Husaynī as the Grand Muftī (al-muftī al-akbar), a title which had hitherto been unknown in Palestine but which was probably copied from Egypt. This gesture was, in part, meant as a reward for Kāmil's cooperation with the British, but it may have been intended to substitute some kind of a new hierarchy for the former Ottoman one".
- ^ Elpeleg 2007، صفحة 11:"He demanded that the title Grand Mufti, which had been granted to his brother by the British for cooperating with them, also be given to him, and that his salary be higher than that of the other muftis. Richmond and Storrs supported this claim, arguing that since, from the spiritual and religious points of view, the status of Jerusalem was superior to that of other regions in Palestine, the Mufti of Jerusalem should be considered head of the country's Muslim community. ".
- ^ Khalidi 2001، صفحة 22: "After their occupation of the country, the British created the entirely new post of 'grand mufti of Palestine' (al-mufti al-akbar), who was also designated the 'mufti of Jerusalem and the Palestine region' (mufti al-Quds wal-diyar al-filistiniyya)."
- ^ Cohen 1989، صفحة 69.
- ^ Sicker 2000، صفحات 32f.:Elpeleg 2007، صفحة 48.
- ^ Matthews 2006، صفحات 31–32:"It was not scholarly religious credentials that made Hajj Amin an attractive candidate for president of the SMC in the eyes of colonial officials. Rather, it was the combination of his being an effective nationalist activist and a member of one of Jerusalem's most respected notable families that made it advantageous to align his interests with those of the British administration and thereby keep him on a short tether."
- ^ Matthews 2006، صفحة 32.
- ^ Reiter 1996، صفحات 22–24 for details.
- ^ Huneidi 2001، صفحة 38 This excludes funds for land purchases. The "Jewish Agency", mentioned in article 4 of the Mandate only became the official term in 1928. At the time the organisation was called the Palestine Zionist Executive.
- ^ Milton-Edwards 1999، صفحة 38.
- ^ Robinson 1997، صفحة 6.
- ^ Morris 2011، صفحة 111.
- ^ UNPC 1948، § 24.
- ^ Kupferschmidt 1987، صفحات 131–132 for a detailed list of the several sites on the Haram that underwent extensive renovation.
- ^ Monk 2002، صفحة 61 The name is occasionally given as Kamal Bey, or Kamal al-Din in primary and secondary sources.
- ^ Monk 2002، صفحات 42–72 for a detailed account of Richmond's role. Richmond authored an important volume on the Haram (Ernest Tatham Richmond, The Dome of the Rock in Jerusalem: A description of its structure and decoration, Oxford University Press, Oxford 1924).
- ^ Laurens 2002، صفحة 156.translation needed
- ^ Kupferschmidt 1987، صفحات 127ff.,130. The mosaic tesserae, however, were manufactured in, and imported from, Turkey.
- ^ Sicker 2000، صفحة 77.
- ^ Benvenisti 1996، صفحات 77f. writes that Rabbi Kook had preached as early as 1920: "The Temple Mount is Israel's holy place, and even should it be under the hand of others for long days and periods of time, it will finally come into our hands..., which could merely mean however that, in rabbinical thought, with the coming of the Messiah, the Temple would automatically revert to the Jews."
- ^ Yaeger 1996، صفحات 196ff..
- ^ Laurens 2002، صفحة 154.translation needed
- ^ Laurens 2002، صفحة 163. translation needed
- ^ The longest accounts for the riots are in Kolinsky 1993، صفحات 42–70 and Segev 2001، صفحات 309–327.
- ^ Among them شكري القوتلي, Ihsan al-Jabiri and Adil Arslan
- ^ Kupferschmidt 1987، صفحة 131 gives the 26th: Laurens 2002، صفحة 155 (translation needed) gives the 17th.
- ^ ا ب Laurens 2002، صفحة 158. translation needed
- ^ Laurens 2002، صفحة 157: Kupferschmidt 1987، صفحة 131 gives 24 September.
- ^ Ovendale 2004، صفحة 71.
- ^ Lajnat al-Difa and al-Buraq al-Sharif. See Monk 2002، صفحة 70. The Muslim name for the contested section of the wall, where Mohammed was said to have tethered his steed Buraq while on his famous visionary flight to heaven. See Krämer 2008، صفحة 225.
- ^ Gonen 2003، صفحة 141.
- ^ Laurens 2002، صفحات 153,158–161,162 translation needed
- ^ Muslims in the Mughrabi Quarter were to make similar complaints against the racket of Hasidic ritual dancing in the area on the night of the anniversary of Muhammad's birth, 16 August 1929.Laurens 2002، صفحة 170. translation needed
- ^ Laurens 2002، صفحات 163–165. translation needed
- ^ Laurens 2002، صفحة 632. n.3: "Fixed hours of Jewish worship" was given, instead of "customary hours of Jewish worship".
- ^ Sicker 2000، صفحة 79:"This was done to ensure a new major influx of non-Zionist American wealth into the country to support the development of a Jewish national home".
- ^ Sicker 2000، صفحات 179ff..
- ^ Laqueur 2003، صفحات 168–169.
- ^ Laurens 2002، صفحات 168–169. translation needed
- ^ Krämer 2008، صفحة 230.
- ^ Krämer 2008، صفحة 230 writes that it was in revenge for the former incident.
- ^ Particularly with Riad al-Suhl
- ^ Laurens 2002، صفحة 171 asserts that "The matter was sufficiently important.. for this not to be (read as) an attempt to secure an alibi for subsequent events".
- ^ Laurens 2002، صفحات 168–172. translation needed
- ^ Laurens 2002، صفحة 173. translation needed
- ^ Laurens 2002، صفحة 179 translation needed Sicker 2000، صفحة 46; gives 133 Jewish killed, and 339 wounded, 116 Arabs known to be killed, and 232 known to be wounded, the latter almost entirely due to police actions. The Arab wounded are those registered by the Mandatory authorities. Many preferred to hide their injuries.
- ^ Great Britain 1930، صفحات 158–159.
- ^ Laurens 2002، صفحة 199. translation needed
- ^ Laurens 2002، صفحة 200 citing Samuel 1970، صفحة 96, which records several long talks of members of Brit Shalom with Snell. translation needed
- ^ ا ب Great Britain 1930، صفحة 172.
- ^ Permanent Mandates Commission 1930.
- ^ Huneidi 2001، صفحة 36 citing Palin Report p. 184.
- ^ Sells 2015، صفحة 725.
- ^ Laurens 2002، صفحات 175–176.
- ^ Laurens 2002، صفحات 180–181. translation needed
- ^ Hen-Tov 1974، صفحة 16.
- ^ Lachman 1982، صفحات 75–76.
- ^ Achcar 2010b، صفحة 144.
- ^ Laurens 2002، صفحة 297. translation needed
- ^ Rosen 2005، صفحة 104. Rosen notes that, by 1934, it had 63 cells (400 youths).
- ^ Laurens 2002، صفحات 292, 297f. One such discovery, in the port of Haifa, in October 1935, of a shipment of arms from Germany, with the apparent authorization of the Nazi Ministry for Internal Affairs, and destined for the Haganah, led to great agitation and played into the hands of those Arabs who pressed for more radical activities. translation needed.
- ^ Laurens 2002، صفحة 376.
- ^ De Felice 1990، صفحات 210–211 mentions £138,000 from 10 September 1936 to 15 June 1938. Earlier, in January 1936 Italy had given al-Husseini £12,000 of a promised £25,000.
- ^ De Felice 1990، صفحة 210.
- ^ Sachar 2006، صفحات 199–200.
- ^ Sachar 1972، صفحة 73.
- ^ ا ب Sachar 2006، صفحات 200–201.
- ^ Laurens 2002، صفحة 373:Levenberg 1993، صفحة 8.
- ^ Hughes 2019، صفحات 422–523.
- ^ Rose 1989، صفحة 332.
- ^ Fieldhouse 2006، صفحة 169.
- ^ Mattar 1984، صفحة 272: "terrorism was employed by both sides during the Arab Revolt. Palestinian guerrilla warfare included violence against British officials, Jewish civilians, and members of the Opposition, some of whom were collaborators. The British and Zionist forces, in an attempt to suppress the rebellion, indiscriminately shot and bombed civilians, used suspects as human minesweepers, executed Palestinians for minor offenses, and operated with the Opposition to assassinate rebels. Political assassination, however, was used far more frequently by the supporters of the Mufti against pro-British and Opposition members."
- ^ Karmi 2004، صفحة 9 Ghada Karmi recalls that her oldest uncle, who refused to join Husseini's camp, suffered two attempts on his life by an assassin sent by al-Husseini, in Nablus and Beirut. The second attempt succeeded.
- ^ Swedenburg 2003، صفحة 87.
- ^ Laurens 2002، صفحة 374.
- ^ Mattar 1984، صفحة 270.
- ^ Cohen 2008، صفحة 171.
- ^ Mattar 1984، صفحة 269.
- ^ Mattar 1984، صفحة 274: "Between November 1939 and June 1940 thirty-nine Palestinians were condemned to death in secret British trials. The Mufti knew most of the condemned rebels or their families personally. Their families desperately appealed to him to intervene, but all he could do was turn to fellow Muslims and Arabs to intercede with the British. In one such appeal, he wrote an Indian friend that the British were annihilating the 'best element,' whose only crime was 'to defend their country'."
- ^ Mattar 1984، صفحات 269–270.
- ^ Aboul-Enein & Aboul-Enein 2013، صفحة 15:"Both Italy and Britain came to the realization in the late 1930s as the clouds of war began to descend on Europe that support for the Arabs would prove fruitful."
- ^ Hilberg 1973، صفحة 716.
- ^ Morris 2011، صفحة 159.
- ^ Khalaf 1991، صفحات 72–75.
- ^ Mikics 2014.
- ^ Gordon 2008.
- ^ Cohen 2008، صفحات 172–174.
- ^ ا ب Laurens 2002، صفحة 259.
- ^ Copeland, Miles. The Game Player: Confessions of the CIA's original operative. 1989. Page 181. "Most of them (the Nazis) were anti-Arab, although they had the wit to conceal that fact."
- ^ Mattar 1984، صفحة 277.
- ^ Aboul-Enein & Aboul-Enein 2013، صفحات 184–186.
- ^ Morris 2008، صفحات 20–22.
- ^ De Felice 1990، صفحات 212–213:"It should be quite clear that this relation (arose) not, as a number of authors have nonetheless argued, because of a presumed affinity of their ideology with that of the Nazis or Fascists, no such thing existed, but by virtue of the wholly political logic (of events) that saw in the enemies (in deed or potentially) of their own enemies their own friends, particularly if the latter have already provided evidence – and this was, precisely, the case with Germany, and all the more so, with Italy – of being interested, in terms of the same political logic, in giving support to their cause".("E questo, sia ben chiaro, non -come pure è stato sostenuto da vari autori – per una presunta affinità della loro ideologia con quelle nazista e fascista, che non-esisteva, ma in forza della logica tutta politica che vede nei nemici (in atto o potenziali) dei propri nemici i propri amici, specie se essi hanno già dato prova – e questo era appunto il caso della Germania ed ancor più dell'Italia – di essere interessati, nella stessa logica politica, a sostenere la loro causa").
- ^ واعتبرت المانيا بلدآ صديقآ لأنها لم تكن دولة مستعمرة ولم يسبق لها أن تعرضت بسوء لأية دولة عربية أو اسلامية, ولأنها كانت تقاتل أعداءنا من مستعمرين و صهيونيين, ولان عدو عدوك صديقك, و كنت موقنآ, أن انتصار المانيا سينقذ بلادنا حتمآ من خطر الصهيونية و الاستعمار
- ^ ا ب ج Mattar 1984، صفحة 271.
- ^ Laqueur 1970، صفحة 106.
- ^ Rubin & Schwanit 2014، صفحة 7.
- ^ Mattar 1984، صفحة 276.
- ^ Yahil, Friedman & Galai 1991، صفحة 676, n.53.
- ^ Nicosia 2000، صفحة 87 Wolff's wife was Jewish, and he was forced to resign in 1936.
- ^ Laurens 2002، صفحة 250.
- ^ Nicosia 2000، صفحات 85–86.
- ^ Nicosia 2000، صفحات 86–87.
- ^ Nicosia 2008، صفحات 71,95,196.
- ^ De Felice 1990، صفحات 211–212.
- ^ Nicosia 2000، صفحات 105,185ff.
- ^ Davidson 2001، صفحة 239.
- ^ Laurens 2002، صفحة 467.
- ^ Tripp 2002، صفحة 99.
- ^ Nevo 1984، صفحة 7.
- ^ Simon 2004، صفحة 130: "Soon after his arrival al-Husseini was received in state by the Iraqi politicians who welcomed and feted him and voted him an immediate subvention of ID 18,000 to be folloed by other grants throughout his stay in Iraq: ID 1,000 monthly from hidden funds of the Iraqi secret service, 2 percent of the salary of every Iraqi government official including the military and the police, grants of ID 12,000 between 1939 and mid-1940 for the relief of distress in Palestine, and special sums donated by the Palestine Defense Society, the Red Crescent, and other public donations. He received gifts from Egypt, from King 'Abd al-'Azis Al Sa'ud, payments of some ID 60,000 from the Germans and some ID 40,000 from the Italians, who also promised £20,000 in gold monthly if al-Husseini initiated another Palestine revolt. He was the guest of honor at state functions and, with his 5,000 to 6,000 followers, al-Husseini installed a mini-government in Baghdad where he settled and began to renew contact with old friends and make new ones in the Iraqi army and police force, with lawyers, doctors and teachers. By 1941 his influence was such that he could place Palestinians in the Iraqi bureaucracy, adding more teachers and other professionals to those Palestinians already working in Iraq. It was said that he controlled hirings, firings, and promotions in Iraqi government departments, that he could have passports issued on demand to his followers, and that he could authorize the importation of personal effects into Iraq duty-free. He controlled newspapers and propaganda mechanisms, some mutually with German influence and money, which were not interfered with."
- ^ Nevo 1984، صفحة 8.
- ^ Tripp 2002، صفحات 100–102.
- ^ Mattar 1984، صفحات 273–274: "pointed out: 'No element in all Iraqi-British relations 1941 was more powerful in poisoning them than Palestine Question', citing Stephen Longrigg."
- ^ Hirszowicz 1966، صفحات 82–83.
- ^ Simon 2004، صفحة 131.
- ^ Nevo 1984، صفحة 9 "As a result of these meetings an agreement was initialled whereby the Arabs of Palestine (through their representatives, the members of the AHC), undertook to support Britain and agree to the White Paper on condition that the clause pertaining to the country's independence be put into application forthwith and not after a ten-year period of transition as provided in the original document. Nuri al-Sa'id, with the consent of his government, undertook to place two divisions (about half of the Iraqi army) at the disposal of the Allies outside Iraq (in other words, to take an active part in the fighting against the Axis), if the agreement were implemented."
- ^ Mattar 1984، صفحة 275.
- ^ Nevo 1984، صفحة 9.
- ^ Mattar 1984، صفحة 274.
- ^ Mattar 1984، صفحة 280.
- ^ Nevo 1984، صفحات 10–12.
- ^ Elpeleg 2012، صفحات 60–.
- ^ Mattar 1984، صفحات 280–281; Simon 2004، صفحة 207, n.16.
- ^ Mattar 1984، صفحة 281.
- ^ Davis 2005، صفحة 70.
- ^ Lukitz 1995، صفحة 96.
- ^ Gavish 2010، صفحة 239.
- ^ Tripp 2002، صفحة 105.
- ^ Laurens 2002، صفحات 463–464.
- ^ De Felice 1990، صفحة 247.
- ^ Nicosia 2017، صفحات 187–188.
وصلات خارجية
- أمين الحسيني على موقع الموسوعة البريطانية (الإنجليزية)
- أمين الحسيني على موقع مونزينجر (الألمانية)
- الحاج أمين الحسيني، المعرفة، الجزيرة نت
- أمين الحسيني، إسلام أون لاين.نت
- الحاج محمد أمين الحسيني.. مهاجر القرن العشرين، القدس أون لاين
- الحاج أمين الحسيني، إسلام ويب
وسوم <ref>
موجودة لمجموعة اسمها "arabic-abajed"، ولكن لم يتم العثور على وسم <references group="arabic-abajed"/>
أو هناك وسم </ref>
ناقص
- مواليد 1895
- مواليد في القدس
- وفيات 1974
- وفيات بعمر 79
- وفيات في بيروت
- عائلة الحسيني
- الإسلام في القدس
- الإسلام ومعاداة السامية
- الفاشية في العالم العربي
- أحناف
- أشخاص حكم عليهم غيابيا
- أشخاص من القدس
- أعضاء اللجنة العربية العليا
- أعضاء المؤتمر العربي الفلسطيني
- أئمة فلسطينيون
- إخوان مسلمون فلسطينيون
- تاريخ ألمانيا العسكري في الحرب العالمية الثانية
- خريجو جامعة الأزهر
- دعاية النازية
- سياسيون فلسطينيون
- شخصيات الثورة الفلسطينية الكبرى 1936–39
- عرب فلسطين الانتدابية
- عسكريون عثمانيون في الحرب العالمية الأولى
- فلسطينيون في القرن 20
- فلسطينيون مناهضون للشيوعية
- قوميون عرب فلسطينيون
- لاجئون فلسطينيون
- متعاونون شرق أوسطيون مع ألمانيا النازية
- مدفونون في مقبرة الشهداء في بيروت
- مسلمون سنة فلسطينيون
- مشاركون في مؤتمر باندونغ (1955)
- معادو الصهيونية
- مفتو القدس
- مواليد عقد 1890
- وفيات 1394 هـ
- عرب فلسطين العثمانية