يعود تاريخ إنشاء شبكة السكك الحديدية في الجزائر إلى عام 1857، حيث وُضعت أولى الخطوط الحديدية خلال فترة الاستعمار الفرنسي. كانت الجزائر آنذاك من أوائل البلدان في المنطقة التي شهدت تطوير هذا النوع من البنية التحتية، لتصبح الشبكة ثاني أقدم شبكة سكك حديدية في أفريقيا والشرق الأوسط بعد سكك حديد مصر. جرى التخطيط لإنشاء شبكة تمتد على مسافة 1,357 كيلومترًا، بصدور مرسوم عن الإمبراطور الفرنسي نابليون الثالث الذي حدد المسارات الأساسية لهذا المشروع. شهدت الشبكة تطورًا ملحوظا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، سواء من حيث الامتداد الجغرافي أو البنية الهندسية، ما ساهم في تعزيز وسائل النقل وربط المناطق المختلفة.
تضمنت المرحلة الأولى إنشاء خطوط لربط المدن الكبرى والموانئ لنقل المواد الخام والسلع. مع بداية القرن العشرين، تركزت الجهود على توحيد الشبكة وتوسيعها، وبلغت ذروتها قبيل الحرب العالمية الثانية. بعد الاستقلال، واجهت الشبكة تحديات كبيرة تتعلق بالصيانة والتحديث، لتشهد في القرن الواحد والعشرين نهضة شاملة، مع بناء خطوط جديدة وتوسيع نطاقها لربط مختلف مناطق الجزائر ودول الجوار.
بدأ إنشاء شبكة السكك الحديدية في الجزائر عام 1857 خلال فترة الاستعمار الفرنسي، تمثلت في خط رئيسي يربط بين المدن الأساسية للمقاطعات الثلاث في المستعمرة: الجزائر، قسنطينة، ووهران، مع خطوط فرعية تصل إلى الموانئ الجزائرية. كان الهدف الأساسي نقل المنتجات الزراعية والمواد الخام إلى فرنسا، مقابل توريد السلع المصنعة من الخارج إلى الداخل الجزائري.[1]
واجهت الشبكة تحديات عدة، منها تعدد الشركات الخاصة وغياب الإنسجام في الخطوط، ما تسبب في تفاوت المعايير التقنية. مع مطلع القرن العشرين، عملت الحكومة الفرنسية وحكومة الجزائر العامة على توحيد الشبكة وتقليص عدد الشركات المشغلة، مما حسّن إدارتها.
بحلول النصف الأول من القرن العشرين، بلغت الشبكة أكثر من 5,000 كيلومتر قبيل الحرب العالمية الثانية، لكنها تراجعت لاحقًا بفعل منافسة النقل البري، ما أدى إلى إغلاق العديد من الخطوط الفرعية، خلال العقود التي سبقت استقلال الجزائر.
بعد استقلال الجزائر، ورثت الدولة الحديثة شبكة بحاجة إلى تطوير. وركزت الجهود خلال الثمانينيات على تحديث الخطوط، مثل تحويل بعض الخطوط إلى المسار القياسي أو تمديدها لكن لتأثيرات الأمنية خلال العشرية السوداء في التسعينيات أثرت سلبًا على تطور شبكة السكة الحديدية وعرقلت تقدمها كثيرًا.
لم تشهد شبكة السكك الحديدية في الجزائر تطورًا ملحوظًا إلا في بداية القرن الحادي والعشرين، حيث أُنشئت خطوط جديدة، وتمت ازدواجية بعضها وكهربةخطوط أخرى. توسعت الشبكة تدريجيًا لتغطي مختلف مناطق البلاد، بما في ذلك إنشاء طريق اجتنابي في الهضاب العليا، والعمل جارٍ لاستكمال شبكة الخطوط العابرة للمدن الكبرى في شمال الصحراءالجزائرية. كما تُجرى دراسات لتمديد الخطوط جنوبًا عبر الصحراء لربط الشبكة بالدول الحدودية للجزائر، مما يتيح نقل البضائع مثل المعادن والمنتجات البتروكيماوية عبر السكك الحديدية نحو بلدان الساحل الإفريقي أو الموانئ الجزائرية، ومن هناك إلى أوروبا وبقية أنحاء العالم.
«تُجرى عمليات تسوية الأراضي من قبل القوات العسكرية، مع مصادرة الأراضي دون مقابل، كما تُقتنى القضبان الحديدية بأسعار مخفضة إلى النصف. من إنجلترا، وسيكون الإنفاق الإجمالي اللازم لهذا الخط الذي يمتد لمسافة 150 ميل، بين 20 إلى 25 مليون فرنك فرنسي. هذا المشروع [...] سيسمح بخفض التكاليف الإقتصادية ويحمي مدن الساحل الجزائري بأكمله من هجومات البدو المتكررة. ويضيف: "عندما نتمكن، باستخدام 20 قاطرة، [...] نقل جيش كامل مؤلف من 18 ألف جندي، وألفي فارس مع خيولهم، و45 مدفع، في مدة 24 ساعة من الجزائر إلى وهران أو قسنطينة، لن يكون هناك مخاوف من أي هجومات محتملة.»
في عام 1844، قدم المهندس إدوارد دي ريدون[4] اقتراحًا لإنشاء سكة حديدية تربط مدينة الجزائربالبليدة، وتمتد عبر جبال الأطلس.[5] في نفس الوقت، قدم أيضا كل من فريدريك و يوجين لاكروا مشروعهما لإنجاز خط يربط فيليبفيل (سكيكدة) بقسنطينة مع بناء ميناء في ستورا (منطقة بحرية في سكيكدة). كما اقترح كذلك المستثمر غاربس إنشاء خطي سكة حديد في القطاع الوهراني (غرب الجزائر): خط واحد يربط وهرانبمستغانمويلل، والآخر يربط وهران بتلمسان.
أظهر تحليل هذه المبادرات قناعة راسخة بأهمية إنشاء شبكة سكك حديدية لدعم التوسع الاستعماري في الجزائر، غير أن التقييم الأولي لهذه الخطط واجه معارضة. التي اعتبرت غير كافية ولا تخدم المصلحة العامة إما بسبب أنها محصورة في مناطق معينة، أو تخدم فقط المصلحة الخاصة للمستثمرين وذلك لنقل منتجاتهم الصناعية وتسويقها، أو نقل المواد الخام من المناجم التي رُخص لهم بإستغلالها.[8]
بالنسبة لحكومة الجزائرالمحلية، أصبح من الضروري إجراء مشروع أولي لتقييم تكاليف وجدوى هذه الخطوط من أجل إستعمار كامل للجزائر. وقد أسند الحاكم العام جاك لويس راندون هذه المهمة إلى الجنرال فرانسوا دو شابو لاتور لإجراء الدراسات اللازمة لوضع خطة شاملة لشبكة السكك الحديدية في الجزائر. وهذه الدراسات هي التي ستؤدي لاحقا إلى إصدار المرسوم الإمبراطوري لعام 1857، والذي يشكل أول برنامج رسمي لتزويد الجزائر بشبكة سكك حديدية.[8]
فرانسوا دي شابو لاتور، صاحب التقرير الذي ينص على الحاجة إلى تطوير السكك الحديدية في الجزائر.
يعتبر خط سكك حديد من الجزائر إلى البليدة الذي شُغل عام 1862 أول خط سكك حديدية رسمي في الجزائر، أُنشِئَ هذا الخط لتسهيل نقل الركاب والبضائع بين المدينتين، لكن أول خط فعلي شُغل في الجزائر كان عام 1858 وذلك من طرف شركة المناجم والأفران العالية لخرازة[الفرنسية] الفرنسية، وكان ذلك لربط منجم حديد خرازة بالميناء الداخلي في وادي سيبوس في ضواحي مدينة عنابة، كان الخط يمتد على مسافة 11 كيلومترًا. شُغل هذا الخط القصير ذو المسار الضيق في 1 سبتمبر 1859، وكان مخصصًا حصريًا لنقل المواد الخام. بعد ذلك، طُور ليصبح الخط الأول للقطارات بين بونوسانت شارل، والذي سيعرف لاحقا بعد إستقلال الجزائر بخط سكة حديد من عنابة إلى رمضان جمال.[7][9]
المخطط الأول للسكك الحديدية في الجزائر: برنامج 1857
في السنوات التي أعقبت استكمال الغزو الفرنسي للجزائر عام 1830، قدمت مقترحات مختلفة لتزويد البلاد بشبكة من السكك الحديدية من أجل تعزيزالإستعمار، لكن هذه المقترحات لم تجسد على أرض الواقع[10] حتى منتصف عقد 1850 حين كُلف الجنرال فرانسوا دو شابو لا تور، الذي كان قائدًا أعلى للهندسة في الجزائر آنذاك، بمهمة من حاكم الجزائر جاك لويس راندون لدراسة جميع المقتراحات السابقة وتقديم تقرير عنها[7]، وفي إحدى استنتاجاته، أكد:
«إن تثبيت الاستعمار لن يكون إلا بفتح طُرق اتصال جيدة تُمكِّن المستوطنين من تصدير منتجاتهم إلى الساحل البحري. نرى أنه لا يجب تشجيع هجرات كبيرة للمزارعين من الوطن الأم [فرنسا] إلى الجزائر. حتى تنفيذ هذه المشاريع. »
المارشال فيلانت، صاحب أول مخطط مقترح لإنشاء شبكة سكك حديدية في الجزائر.
وفي عام 1857 قدم المارشال فايانت، الذي كان وزير الحرب آنذاك، خطة شاملة لتنفيذ شبكة السكك الحديدية في الجزائر إلى الإمبراطور نابليون الثالث.[8] تتضمن هذه الخطة محاور رئيسية ممثلة في:[11]
«سيِّدي،
لقد رأى جلالتكم أن الوقت قد حان لتزويد الجزائر بخطوط السكك الحديدية، وذلك لتلبية مصالح الزراعة القائمة بالفعل، ولتعجيل التطور التدريجي لهذه البلاد. إذ ينبغي اعتبار السكك الحديدية من أقوى العناصر لإزدهار توسعاتنا الكبيرة في المستقبل؛ حيث ستجلب شبكة من الخطوط الحديدية، التي تغطي المقاطعات الثلاث، الحياة والثروة من خلال النقل السريع والملائم لمنتجات الأرض والصناعة، وكذلك بتسهيل حركات الاستيطان للسكان المتزايدين.
[...]
قمت بإعداد مشروع لشبكة عامة من السكك الحديدية الجزائرية. ستتكون هذه الشبكة من:
1. خط رئيسي موازٍ للبحر، يربط بين عواصم المقاطعات الثلاث، ويخدم المناطق الرئيسية في الشرق بين الجزائر وقسنطينة، وفي الغرب بين الجزائر ووهران، مع وجود فرع يتجه إلى تلمسان عبر سيدي بلعباس.
2. خطوط تنطلق من الموانئ الرئيسية وتصل إلى هذا الخط الرئيسي، بحيث يربط خط عنابة وفيلفيل بقسنطينة، وبجاية بسطيف، وتنس بالأصنام، ومستغانم وارزيو بغليزان.»
في 8 أفريل 1857 وقّع الإمبراطور نابليون الثالث مرسومًا ينص على إنشاء شبكة للسكك الحديدية في الجزائر بعدما أُقنع بالخطة وبسبب ضغط المستوطينين في المستعمرة. يُعرف هذا المرسوم (بالفرنسية: décret de classement de 1857)، ترجمة حرفية'مرسوم التصنيف لعام 1857'
، ويحدد خطوط برنامج السكك الحديدية الرئيسية في الجزائر ويتضمن بناء شبكة مكونة من 1 357 كيلومترا، و تتكون هذه الشبكة من:[8][11]
بعد الموافقة على هذه الخطة، وقع الإمبراطور مرسوم في 8 أبريل 1857 ينص على إنشاء شبكة للسكك الحديدية رسميا في الجزائر. يُعرف هذا المرسوم باسم "مرسوم التصنيف لعام 1857" ويحدد خطوط البرنامج السككي الرئيسي في الجزائر، ويتضمن بناء شبكة مكونة من 1 357 كيلومترًا مكونة من الخطوط التالية :
أي 190 كيلومتر فقط من أصل 1 357 كيلومترا من خطوط السكك الحديدية التي كان مخططًا لها في البداية.
فيرديناند باروت، رئيس شركة CFA.
كان إنشاء هذه الخطوط الثلاثة التي تؤدي إلى المدن الرئيسية (الجزائر، قسنطينة، وهران) من الأولويات وذلك لإستغلال الموارد الطبيعية للمناطق المعنية وتعزيز الوجود الفرنسي في الجزائر.
كانت تعد هذه الخطوط القصيرة التي تصل إلى ثلاثة من أهم مدن الجزائر (الجزائر، قسنطينة ووهران) ذو أهمية قصوى وذلك لتمكين استغلال الموارد الطبيعية في تلك المناطق ولتعزيز الإستعمار الفرنسي في الجزائر.
مُنِحَتْ شركة (بالفرنسية: Compagnie des chemins de fer algériens (CFA)
)، ترجمة حرفية'شركة السكك الحديدية الجزائرية'
رخصة إنشاء الخطوط الثلاثة وهي شركة مساهمة عامة (SA)، أُنشِئَتْ لِهَذَا الغَرَضِ بموجب المرسوم الإمبراطوري الصادر في 11 جويلية 1860 وانطلق العمل على إنشاء الخط في وقت مبكر نتيجة للضغوط التي مارسها المستوطنون.
الممتد من الجزائر إلى البليدة في عام 1859 أي حتى قبل منح الامتياز لهذه الشركة.
إعادة توزيع التراخيص إلى شركة السكك الحديدية من باريس إلى ليون والبحر الأبيض المتوسط (PLM)
شركة السكك الحديدية الجزائرية (CFA)، التي حصلت في عام 1860 على ترخيص امتياز الخطوط الأولوية الثلاثة، واجهت بسرعة صعوبات مالية وذلك لضعف رأس المال الخاص بها، نتيجة عدم توفر عدد كافٍ من الأسهم المُباعة (فقط 33 ألف سهم من أصل 100 ألف سهم معروض للبيع)، مما أدى بها إلى إعلان إفلاسها. في عام 1863، نُقِلت جميع تراخيص الامتياز إلى (بالفرنسية: Compagnie des chemins de fer de Paris à Lyon et à la Méditerranée (PLM)، ترجمة حرفية'شركة السكك الحديدية من باريس إلى ليون والبحر الأبيض المتوسط'
قرار نقل ترخيص الإمتياز من شركة CFA إلى PLM اتخذه يوجين روهير[الفرنسية]، وزير التجارة والأشغال العامة الفرنسي آنذاك، كتعويض عن دعمه لشركة PLM خلال الصراع الذي نشب بينها وبين (بالفرنسية: Compagnie des Chemins de fer du Midi)، ترجمة حرفية'شركة سكك الحديد للميدي'
للحصول على ترخيص خط سيت – مارسيليا. ونتيجة لفوز شركة PLM في هذا الصراع، فإن الوزير قد فرض عليها استعادة امتيازات شركة CFA المفلسة. وقد قبلت شركة PLM القرار الوزاري و رحبت به. أعلنت بعدها الإدارة العليا لشركة PLM لمساهميها أن إنجاز الشبكة الجزائرية سمنحها بعض الفوائد بصفة غير مباشرة. لأنه في الواقع، ستخدم الشبكة الحضرية المنطقة المواجهة للجزائر، بالإضافة إلى جميع التدفقات القادمة من فرنسا إلى الجزائر والمنبعثة منها، وستكون مضطرة لاعتماد خطوط السكك الحديدية الخاصة بها، مما سيسهم في زيادة حركة النقل على هذه الخطوط. وبالإضافة إلى ذلك، تؤكد الإدارة أن اهتمامها بإنشاء وتطوير السكك الحديدية في الجزائر أكبر بكثير من أي شركة أخرى.[13]
وبالتالي أصبحت شركة PLM صاحبة ترخيص الامتياز لـ 543 كيلومترًا من الخطوط في الجزائر، بما في ذلك الخط الرابط من الجزائر إلى وهران بأكمله :
المقطع من الجزائر إلى البليدة (51 كم) من خط الجزائر – وهران ؛
المقطع من البليدة إلى سيق (348 كم) من خط الجزائر – وهران ؛
المقطع من سيق إلى وهران (59 كم) من خط الجزائر – وهران ؛
وهكذا، وسعت شركة السكك الحديدية من باريس إلى ليون والبحر الأبيض المتوسط (PLM) شبكتها للسكك الحديدية والتي أنشأتها أيضا في فرنسا وذلك من مرسيليا التي يوجد بها الميناء الرئيسي للتوجه إلى الجزائر، ومن ثَم الولوج إلى الجزائر.[14]
شرعت الحكومة الفرنسية في بناء المقطع الرابط بين الجزائر و البليدة، وهو الشطر الأولوي من خط الجزائر– وهران، وذلك دون انتظار إعلان المنفعة العامة (الذي أُنجز لاحقًا في عام 1860). بدأ العمل على هذا المقطع في 12 ديسمبر عام 1859، واعتمدت فرنسا على قواتها العسكرية لإقامة هذا الخط في مراحله الأولى.
افتُتح الخط الرابط بين الجزائر والبليدة لنقل البضائع في 8 سبتمبر 1862، وأُتيح لاحقًا لخدمة المسافرين في 25 أكتوبر من العام ذاته، واستغرقت عملية إنجازه نحو ثلاث سنوات.
رسم من صحيفة الإليوستراسيون بتاريخ 20 أوت 1862 لمقال "تدشين خط سكة حديدية من الجزائر إلى البليدة"
تدشين أول قطار من خط الجزائر إلى البليدة.
مراسيم مباركة خط سكك حديد الجزائر إلى البليدة.
محطة حسين داي الواقعة على خط الجزائر– البليدة.
تدرجت عمليات افتتاح خط سكة حديد الجزائر – وهران عبر مراحل متعددة، بشكل تدريجي ومنظم :
فتح مقطع الجزائر إلى البليدة في 25 أكتوبر 1862 ؛
فتح مقطع وهران إلى غليزان في 1 نوفمبر 1868 ؛
أُنجز مقطع الطريق من البليدة إلى بومدفع في 8 يوليو عام 1869 ؛
وُضع خط غليزان المؤدي إلى أفرفيل (خميس مليانة حاليا) قيد التشغيل في 1 سبتمبر 1870 ؛
وفي الأخير، افتُتح القسم الرابط بينأفرفيل إلى بومدفع في 1 ماي 1871.
وهكذا، اكتمل تشغيل الخط بطول 420 كم عام 1871 بعد اثني عشر عامًا من انطلاقه.
منحت شركة السكك الحديدية الجزائرية (CFA) امتياز خط فيليب فيل (سكيكدة حاليًا) - قسنطينة عام 1860، ثم نُقل الامتياز إلى شركة PLM عام 1863 بعد إفلاس CFA، لتتولى بناء الخط.
افتُتح الخط رسميًا في 1 سبتمبر 1870 بطول 87 كيلومترًا، وربط لاحقًا بخط قسنطينة- الجزائر الذي اكتمل تشغيله عام 1886، ليشكّل خط الجزائر - سكيكدة الحالي.
لم تُنفَّذ بقية الخطوط المقترحة في البرنامج الأولي بشكل كامل، إذ تعرّض بعضها لتغييرات في المسار، بينما لم يُنشَأ البعض الآخر:
الخط الرابط بين الجزائر وقسنطينة: صدر إعلان المنفعة العامة لهذا الخط في 15 ديسمبر 1875، ومنح أول ترخيص امتياز للمقطع الممتد بين قسنطينة وسطيف في نفس التاريخ. أما بقية الأقسام، فقد جرى تخصيص التراخيص لها بشكل متدرج خلال الفترة الممتدة بين 1877 و1880. افتُتح الخط بكامله في عام 1886، أي بعد نحو عشر سنوات من بداية المشروع.
الخط الرابط بين بوجي (بجاية) وسطيف: لم يُنفّذ هذا الخط كما كان مخططاً، حيث فضّل المخططون إنشاء خط يربط بين بني منصور (منطقة في ولاية بجاية) وخط الجزائر–قسنطينة مروراً ببوجي (بجاية حالياً). ودخل هذا الخط حيز الخدمة في عام 1889.
الخط الرابط بين بون (عنابة) وقسنطينة: لم يُنجز هذا المشروع وفقاً للمخطط الأصلي. بدلاً من ذلك، اختير خط يربط بين بون (عنابة حالياً) وسانت شارل (رمضان جمال حالياً)، الواقعة على خط فيليبفيل (سكيكدة) وقسنطينة. اكتملت أشغال هذا الخط في عام 1904، وأصبح يشكل المسار الحالي بين رمضان جمال وعنابة.
الخط الرابط بين تنس و أورليان فيل (الشلف حالياً): لم يُنفّذ هذا المشروع كما خُطّط له في البداية.
الخط الرابط بين أرزيو ومستغانم وغليزان: لم يُنفّذ هذا المشروع وفق المخطط الأصلي.
سمح المرسوم الصادر في 2 جوان 1863 بتمديد خط السكة الحديدية لمنجم خرازة (mines des Karezas) إلى ميناء سيبوس في بون (حاليا عنابة)، في إتجاه الشمال والغرب، وصولا إلى منطقة عين مكرة (حاليا برحال).
المخطط الثاني للسكك الحديدية في الجزائر: برنامج 1874
أقر المرسوم الصادر بتاريخ 29 أفريل 1874على الاتفاقيات التي تمت بين الحاكم العام للجزائر و (بالفرنسية: Compagnie franco-algérienne (FA))، ترجمة حرفية'الشركة الفرنسية الجزائرية (FA)'
لمنح ترخيص امتياز لخط سكة حديدية يمتد من أرزيو إلى سعيدة، مع تمديد إضافي بطول 70 كيلومترًا في اتجاه جيري فيل (حاليا البيوض). منح الإمتياز لشركة FA دون توفير أي دعم مالي أو ضمان أي فائدة، ولكن مع منحهم رخصة حصرية لاستغلال نبات الحـَلْفاء (الحلفة) على مساحة تبلغ 300 ألف هكتار من أراضي الهضاب العليا و بهذا سيتيح هذا الخط إمكانية إرسال محاصيل نبات الحلفاء إلى ميناء أرزيو و بعد ذلك إعادة إرسالها إلى فرنسا.[15]
المرسوم الصادر بتاريخ 7 ماي 1874 الذي يخص الجزائر، هو فقط تطبيق للقانون الذي صدر في فرنسا في 12 جوان 1865 الذي ينص على إنشاء خطوط السكك الحديدية ذات الاهتمام المحلي. حتى هذا التاريخ، لم يمنح أي خط محلي في الجزائر.
وضع قانون 18 جويلية 1879 خطة عامة جديدة عُرفت باسم "خطة التصنيف" (بالفرنسية: plan de classement)، واستند إلى برنامج 1857، مع تكييفه للخطوط التي أُنشئت أو مُنحت لاحقًا ضمن برنامج عام 1874.
هدفت الخطة إلى إنشاء 1,747 كيلومترًا من الخطوط الجديدة، التي أُضيفت إلى 1,079 كيلومترًا من الخطوط القائمة، مما أسهم في تشكيل شبكة سكك حديدية متجانسة.
في عام 1880، كانت شبكة السكك الحديدية الجزائرية تتكون من 1150 كيلومترًا، تضاعف طولها بمقدار ثلاثة مرات بفضل قوانين برنامج عام 1879 و بين عامي 1880 و1900 أُصدرت عدة مراسيم لمنح شركات السكك الحديدية الامتيازات لبناء وتشغيل خطوط برنامج عام 1879. يتضمن الجدول أدناه قائمة منح هذه التراخيص.[14]
في نهاية القرن التاسع عشر، كانت هناك خمس شركات تشغل الخطوط في الجزائر:
شركة سكك الحديد باريس – ليون – البحر الأبيض المتوسط (PLM) التي تشغل خط الجزائر إلى وهران وخط فيليبفيل إلى قسنطينة.
شركة الشرق الجزائري (EA) التي تشغل خط الجزائر إلى قسنطينة، وخطوط شرق الجزائر إلى تيزي وزو وبوجي وخطوط قسنطينة إلى باتنة وبسكرة وعين البيضاء.
شركة سكك الحديد بون – قالمة (CBG) التي تشغل خطوط منطقة بون إلى دوفيفييه وقالمة والخروب وسوق أهراس وتبسة وتونس.
الشركة الفرنسية الجزائرية (FA) التي تشغل خطوط مستغانم – تيارت، وأرزيو – عين الصفراء، وعين تيزي – معسكر.
ميدالية شركة الشرق الجزائري تخليدًا لافتتاح خط الجزائر- قسنطينة في عام 1886.شركة الغرب الجزائري (OA) التي تشغل خطوط منطقة وهران إلى سيدي بلعباس ورأس الماء وعين تموشنت وتلمسان، وخط البليدة إلى البرواقية و بوخاري.
ويلاحظ أنه 3 شركات من أصل 5 الحاصلين على ترخيص الإمتياز، شبكتهم الخاصة ليست متصلة ببعضها البعض :
الخطوط الاثنين لشركة PLM: من الجزائر إلى وهران ومن فيليبفيل إلى قسنطينة، مفصولة عن بعضها البعض بمسافة 462 كيلومتر.
الخطوط الاثنين لشركة FA: من أرزيو إلى عين الصفراء ومن مستغانم إلى تيارت، لا يتواصلوا مع بعضهم إلا من خلال المقطع من الجزائر إلى وهران من خط PLM. ومع ذلك، فإن اختلاف عرض السكة في شركة PLM (1435 مم) وشركة FA (1055 مم) لا يسمح بتشغيل القطارات من خط إلى آخر.
بناءً على الخطوط المختلفة، حددت الشركات اختلافات في عرض السكة:
– سكة حديد مترية (1000 مم) لـ:
– خطوط سوق أهراس إلى تبسة وبون إلى مقطع الحديد من شركة CBG.
حصلت العديد من الشركات على تراخيص الإمتياز لإنشاء خطوط السكك الحديدية في الجزائر و ذلك بفضل البرامج المختلفة لكن كانت شبكة الخطوط غير متناسقة وغير مترابطة، إضافة إلى غياب التنسيق أو وجود سياسة عامة واضحة في مجال النقل بالسكك الحديدية سواء من الحكومة الفرنسية أو الحكومة الفرنسية المحلية الموجودة في الجزائر.[16]
يمثل عام 1892 بداية فترة توقف في إنشاء الخطوط ذات الاهتمام العام في الجزائر لمدة عشر سنوات تقريبًا.[14] أُعلن عن بعض الخطوط الصغيرة ذات الاهتمام المحلي تحت إيطار قانون المنفعة العامة خلال هذه الفترة :
إنسحبت الدولة الفرنسية من الإشراف المباشر على بناء و تمويل شبكة السكك الحديدية في الجزائر و كانت ترغب في نقل هذه المسؤولية إلى الحكام الفرنسيين المحليين الموجودين بالجزائر، وأُصدر قوانين 19 ديسمبر 1900 و 23 جويلية 1904 لإنشاء ميزانية خاصة لتمكين الجزائر من الإستقلال المالي في مجال الأشغال العامة مع تخصيص أيضا ميزانية مخصصة لإدارة و تطوير الشبكة الحديدية. و بالتالي أصبح للجزائر المستعمرة القدرة على إنشاء خطوط جديدة لم تقررها الدولة الفرنسية، ولكن كان يجب أولا تنظيم في الشبكة الحالية قبل التفكير في تطويرها؛ وخاصة تحسين وتوحيد التسعير المعمول به لخدمات الركاب ونقل البضائع.[17]
شجع المستشار العام الشركات على توحيد أسعار قطارات السرعة العالية والسرعة المنخفضة. درت كل من شركات : بون-قالمة والغرب الجزائري OA و شركة PLM امكانية تحقيق توحيد التسعير. لكن شركة الشرق الجزائري EA رفضت ذلك.
في نهاية القرن التاسع عشر وخلال السنوات الأولى من القرن العشرين، وخاصة خلال الحرب العالمية الأولى، واجهت شركات السكك الحديدية الجزائرية صعوبات مالية أدت إلى اختفاء أربع شركات واشترت حكومة الجزائرأنذاك خطوط شبكاتها، والتي نُقلت إما إلى الشركة الجديدة للسكك الحديدية الجزائرية للدولة (CFAE)، التي تأسست في 27 سبتمبر 1912 لتمكين استغلال هذه الشبكات، أو إلى شركة PLM.[18]
واجهت الشركة الفرنسية الجزائرية تحديات مالية جراء تراجع أرباح خطوطها، مما أدى إلى قيامها في عام 1888 بتأجير شبكتها لشركة الغرب الجزائري O.A لمدة خمس سنوات. إلا أن هذه الخطوة لم تكن كافية لإنقاذها، حيث أعلنت إفلاسها في عام 1890، مع استمرارها في الاحتفاظ بامتيازاتها لسنوات قليلة تالية. وفي 21 ديسمبر 1900، صدر مرسوم يقضي بتشغيل خطوط الشركة الفرنسية الجزائرية من قِبل الدولة، تلاه شراء الشبكة في 28 ديسمبر من العام نفسه، ووضعها تحت إشراف مؤسسة الإدارة للسكك الحديدية الفرنسية. وفي عام 1912، انتقلت إدارة الشبكة إلى شركة السكك الحديدية الجزائرية للدولة C.F.A.E.[19]
بعد أن رفضت شركة الشرق الجزائري توحيد أسعار نقل البضائع مع الشركات الأخرى، مُشيرة إلى إمكانية تعرضها لخسائر في استثماراتها، اتخذ المستشار العام والجمعيات الجزائرية قرارًا بشراء حقوق الامتياز الخاصة بالشركة وإدارة شبكتها بشكل مباشر. صدر المرسوم الذي أقر هذا الاستحواذ في 25 أغسطس 1907، ونفذ في 12 مايو 1908.[20] في عام 1912، انتقلت شبكة شركة الشرق الجزائري بشكل نهائي إلى شركة C.F.A.E، على غرار ما حدث مع شبكة الشركة الفرنسية الجزائرية.
لشركة بون-قالمة، التي وافقت على توحيد أسعار نقل البضائع، كانت ترغب في إعادة التفاوض على اتفاقياتها لتكامل تكاليف نقل المنتجات المعدنية من جنوب القسنطينة. وبسبب عدم التوصل إلى اتفاق في المفاوضات، ارتأت حكومة الجزائر في شراء الجزء الجزائري من شبكة الشركة (التي كانت تشغل أيضًا خطوطًا في تونس). تمت الموافقة على هذا الشراء بموجب المرسوم الملكي في 9 يونيو 1914 ونفذ في 1 يناير 1915.[21]
قاطرة ماليت تابعة لشبكة القطاع الوهراني، عام 1913.
أثرت الحرب العالمية الأولى على شبكة السكك الحديدية الجزائرية. منذ بداية الحرب، وُضعت سكك الحديد تحت سيطرة الجيش الفرنسي. تسببت الاستدعاءات والأولويات العسكرية في شل حركة النقل التجاري للشركات الجزائرية عبر السكة الحديدية. نفس الأمر ينطبق على تقليص العمالة وارتفاع تكاليف المواد الخام بشكل مفرط، بما في ذلك الفحم، بسبب الحرب. لقد أدت هذه الصعوبات إلى تدهور الوضع المالي للشركات، بما في ذلك شركة الغرب الجزائري. واجهت الشركة زيادة في النفقات الناجمة عن الحرب وتقلص في الأرباح، وتطلب إعادة التفاوض بشأن البنود المالية لامتيازاتها. أعلنت الشركة عن عدم قدرتها على مواصلة تشغيل شبكتها بعد 31 ديسمبر 1920. قررت السلطات الجزائرية بعد ذلك شراء شبكة الشركة. أُكد هذا الشراء بمرسوم بتاريخ 31 ديسمبر 1920. نُقل تشغيل الشبكة مؤقتًا إلى شركة P.L.M في 1 جويلية 1921، ثم نهائيًا في عام 1924.[22]
شراء شركة سكك الحديد باريس ليون والبحر الأبيض المتوسط لشبكة الجزائر
لقد سمحت المشتريات السابقة بتحقيق تحسينات في إدارة وتنظيم الشبكة ولكنها لم تنجح في توحيدها. لا تزال خطوط شركة PLM تتداخل مع خطوط CFAE. علاوة على ذلك، كان على شركة PLM إعادة تنظيم اتفاقها مع الدولة لعام 1863 لمراعاة الظروف الاقتصادية بعد الحرب. أصبح من الضروري إجراء إصلاح في تنظيم السكك الحديدية ذات الاهتمام العام في الجزائر.
أبرمت اتفاقية جديدة في 1 جويلية 1921 بين الحاكم العام للجزائر وإدارة سكك الحديد الجزائرية للدولة وشركة P.L.M. تنص هذه الاتفاقية على ما يلي :
قام الحاكم العام بشراء جميع الخطوط التي كانت ممنوحة لشركة باريس ليون والبحر الأبيض المتوسط، وذلك بدءًا من الأول من يناير عام 1922، وشملت هذه الخطوط مسارات الجزائر إلى وهران وفيلفيل إلى قسنطينة.
يؤجر الحاكم العام، ممثلاً للجزائر، لشركة PLM ابتداءً من 1 يناير 1922، الخطوط التالية: من الجزائر إلى وهران، من لا سينيا إلى عين تموشنت، من سانت بارب دو تليلات إلى سيدي بلعباس ورأس الماء، من طابية إلى تلمسان والحدود المغربية ومن بليدة إلى الجلفة.
تمت الموافقة على الاتفاقية بموجب قانون 11 ديسمبر 1922.[23]
بالتالي، في عام 1922، لم تبق سوى شركتي سكك حديدية في الجزائر: شركة سكك حديد الجزائر للدولة (CFAE) وشركة PLM في الجزائر (PLMA).
من كولومب بشار إلى كندسة، بموجب القانون رقم 24 ديسمبر 1924.
من تبسة إلى الحدود التونسية، بموجب القانون رقم 24 ديسمبر 1924.
صور بعض المحطات على خط بليدة – الجلفة
محطة المدية
محطة البرواقية
محطة قصر البخاري
محطة الجلفة
الجسر العلوي لوادي ديب على خط بون (عنابة) إلى سانت شارل (رمضان جمال).
تنظيمات قانونية أخرى لإعادة تنظيم الشبكة الجزائرية :
تحويل خط السكة الضيقة من سوق أهراس إلى تبسة إلى سكة عادية، بموجب القانون رقم 13 أغسطس 1915.
دمج خط سكة حديد بسكرة إلى تقرت وفرع أماش إلى طولقة في الشبكة العامة للجزائر، بموجب القانون رقم 21 مارس 1922.
تضمين سكك الحديد ذات الاهتمام المحلي من بون إلى لا كال ومن عين مقرة إلى سانت شارل ومن سانت بول إلى راندون في الملكية العامة للدولة، بموجب القانون رقم 21 مارس 1929.
شراء خط السكة الحديدية الثانوية ذات الاهتمام العام من بون إلى عين مقرة، بموجب القانون رقم 3 مارس 1928.
تضمين سكة الحديد ذات الاهتمام المحلي من تيارت إلى تروميلت في الملكية العامة للدولة، بموجب القانون رقم 3 مارس 1928.
تضمين الخطوط المستغلة من قبل شركة سكك الحديد على طرق الجزائر (CFRA) في الملكية العامة للدولة، بموجب القانون رقم 3 مارس 1928.
توزيع خطوط شبكة البخار المستغلة بواسطة شركة سكك الحديد على طرق الجزائر (CFRA) بين الشبكتين ذات الاهتمام العام (PLM والدولة)؛ قرار حاكمي بتاريخ 22 مارس 1928.
في عام 1930، كانت الشبكة الجزائرية تضم حوالي 5000 كيلومتر، موزعة حسب الجدول التالي :
توزيع مسارات السكك الحديدية في الشبكة الجزائرية في عام 1930.
حصلت شركة بون-قالمة على امتياز لإنشاء خط سوق أهراس إلى تبسة عام 1885، بهدف ربط مدينتين رئيستين في شرق الجزائر وتوفير وصلة مع تونس، حيث كانت الشركة تتمتع بحقوق امتياز في تلك المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، حمل الخط أهمية استراتيجية عسكرية نظرًا لقربه من الحدود. اكتمل بناء الخط عام 1888، وصُمم بعرض متري في البداية، استنادًا إلى التوقعات بتدفق تجاري محدود.
اكتشف المستثمرون رواسب الفوسفات في جبل القويف (الواقع شرق تبسة، على بعد 257 كيلومترًا جنوب عنابة) والحديد في جبال الونزة (الواقعة شرق وادي كبيريت على بعد 190 كيلومترًا من عنابة) في نفس الفترة في التسعينيات من القرن التاسع عشر. وبناءً على ذلك، أنشؤوا خطوط فرعية قصيرة لربط هذه المناطق المنجمية بخط سوق أهراس إلى تبسة. تمكّنت هذه الفروع من نقل المعادن عن طريق السكك الحديدية إلى ميناء عنابة للتصدير.
خلال العقود العشرينية من القرن العشرين، زادت كميات المعادن التي نقلت عبر السكك الحديدية كثيرًا، حيث ارتفعت من 350,000 طن في عام 1921 إلى ما يقرب من 2 مليون طن في عام 1930. أصبح خط بون-تبسة يلعب دورًا أساسيًا في نقل المعادن. ومع ذلك، أصبح تشغيل القاطرات البخارية على سكة واحدة في منطقة جبلية تتضمن منحدرات شديدة في منطقة سوق أهراس أمرًا صعبًا ولم يعد يسمح بنقل فعال وسريع.
أصبح قسم الخط بين دوفيفييهووادي كبيريت عقبة تحد من قدرة الخط وحجم التدفق. لذا، أصبح استخدام التشغيل الكهربائي هو الوسيلة الوحيدة لزيادة سعة الخط وزيادة حمولة الشحنات من خلال زيادة قوة القاطرات الكهربائية وزيادة السرعة. أُتخذ قرار تجهيز الخط بالكهرباء في عام 1929، حيث جهزت القسم بين دوفيفييه ووادي كبيريت أولاً، وباقي الخط في السنوات التالية. أُستخدم تيار مستمر بقوة 3000 فولت لتشغيل الخط الكهربائي، و وُفرت من خلال محطة توليد طاقة حرارية بقوة 43,000 كيلوواط تقع بالقرب من عنابة. اشترت شركة السكك الحديدية الجزائرية الدولية حوالي ثلاثين قاطرة من نوع CC 6-AE، والتي تشبه قاطرات PLM 1CC1 3700، وبنيت بواسطة الشركة الفرنسية Constructions électriques de France (CEF) بالتعاون مع شركة ألستوم.[24]
ظلت قاطرات الكهرباء 6-AE في الخدمة حتى عام 1972، وكان خط بون-تبسة هو الخط الوحيد المكهرب في الجزائر.
مشاهد لقطارات الكهرباء من طراز 6–AE على خط بون إلى تبسة.
محرك القطار من طراز CFAE 6AE يسحب قطارًا للمعادن على خط سوق أهراس إلى وادي كيبريت.
محرك القطار من طراز CFA 6AE-24 على خط بون إلى سوق أهراس.
محرك القطار من طراز SNCFA 6-AE يسحب قطارًا للركاب في إحدى محطات خط بون إلى سوق أهراس في عام 1968.
تأسست الشركة الوطنية للسكك الحديدية الفرنسية (SNCF) في عام 1938، وأدى تأسيسها إلى اندماجها مع شركة سكك حديد باريس - ليون - البحر الأبيض المتوسط (PLM) و فرعها في الجزائر(PLMA)، واختفائها. دُرست إمكانية توصيل الشبكة الجزائرية بشكل كامل مع الشركة الجديدة SNCF في البداية. وفي النهاية، أُتخذ قرار بإنشاء مؤسسة منفصلة عن SNCF في الأول من يناير عام 1939، وهي مكتب السكك الحديدية الجزائري (OCFA) التي مع الوقت أصبحت تسمى بـ CFA و أصبحت هي المسؤولة الوحيدة عن تشغيل شبكة السكك الحديدية في الجزائر.[25]
قاطرة بالدوين ديزل040-DB تجر قطار ركاب على جسر في خط الجزائر إلى قسنطينة، بعد الحرب العالمية الثانية.
عانت وسائل النقل الحديدية في الجزائر، كما في فرنسا خلال نفس الفترة، من التحديات التي واجهتها منافسة وسائل النقل الطرقية، سواء في نقل الركاب أو البضائع، فقد أظهرت الحافلات والشاحنات قدرات تنافسية ومرونة أكبر في المسافات القصيرة والمتوسطة مقارنةً بالقطارات. استمرت هذه الوضعية حتى بداية الخمسينات. ونتيجة لذلك، أُغلقت الخطوط غير الحيوية وتخلي عن تلك التي كانت مخططًا لها في الخطط السابقة.[14]
تشمل التحويلات الرئيسية تحويل خطوط ضيقة إلى خطوط عادية:
تحويل خط وادي الكبريت إلى تبسة والقويف إلى خطوط عادية.
تحويل خط بسكرة إلى تقرت من ضيق إلى عادي في عام 1958.
تحويل خطوط أرزيو إلى مستغانم ولا ماكتا إلى بيراجو إلى خطوط عادية بعرض 1,055 مم.
في عام 1942،حُولت قسم تروميليه إلى بوردو من خط عرض 600 مم إلى خط ضيق بعرض 1,055 مم.
في عام 1946، أُنشأت فرع بطول 145 كم بعرض 600 مم على خط بسكرة إلى تقرت بين اسطيل والوادي. حُول الخط إلى خط ضيق بعرض متري في عام 1950 ثم أُغلق في عام 1958.
إنشاء الشركة الوطنية للسكك الحديدية الفرنسية في الجزائر
في الأول من يناير 1960، تأسست الشركة الوطنية للسكك الحديدية الفرنسية في الجزائر، SNCFA، والتي كان مساهميها الدولة الفرنسية والشركة الوطنية للسكك الحديدية (SNCF).
في 16 ماي 1963، أصبحت الشركة الوطنية للسكك الحديدية الفرنسية في الجزائر (Socité Nationale des Chemins de Fer français en Algérie)، التي تأسست في عام 1959، الشركة الوطنية للسكك الحديدية الجزائرية (Société Nationale des Chemins de Fer Algériens) و ذلك بنفس الإختصار SNCFA.[26]
بعد الاستقلال، ورثت شركة SNCFA الجزائرية شبكة كثيفة ومتنوعة ومهترئة جزئيًا، و تعين عليها تكوين كوادرها بسرعة لاستبدال العاملين الفرنسيين، وخاصة الإداريين، الذين غادروا الجزائر بعد الاستقلال سنة 1962، وذلك لأن العمال الجزائريين في فترة الإستعمار إقتصر دورهم على المهام البسيطة والصيانة ووضع القضبان ومراقبة النقل. في عام 1963، أصبحت الشبكة بالكامل مشغلة بواسطة فريق من المهندسين والمشرفين الجزائريين.
خلال عقد كامل من عام 1962 إلى عام 1972، ركزت SNCFA بشكل حصري على الحفاظ على خطوطها وتجهيزاتها في حالة جيدة. خلال هذه الفترة، أُغلقت بعض الخطوط الضيقة العرض إما لأسباب اقتصادية أو لصعوبات الصيانة أو بسبب المعدات الجديدة التي لا تناسب تلك الخطوط. الاستثناء الملحوظ هو إنشاء امتداد خط عنابة إلى تبسة في عام 1966 على طول 110 كم حتى منجمالفوسفات في جبل عنق.
الشركة الوطنية للدراسات والإنشاءات للبنية التحتية السككية (SNERIF)، المسؤولة عن تجديد وتوسيع الشبكة.
الشركة الوطنية للهندسة وتنفيذ البنية التحتية السككية (SIF).
برنامج استثمار جديد يسمح بإنشاء 203 كيلومترًا من الخطوط الجديدة، وتضاعف 200 كيلومتر من السكك الحديدية (من الجزائر إلى ثنية، ومن القرة إلى قسنطينة وديدوش مراد)، وتجديد 1400 كيلومتر من السكك والرصيف.[13][27]
في عام 1986، تسبب الأزمة المالية في حل SNERIF و SIF، حيث دُمجت كليا مع شركة SNTF التي أصبحت مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري (EPIC) تابعة للدولة عام 1990.
خلال الحرب الأهلية (العشرية السوداء) بين عامي 1991 و 2002، تعرضت الشبكة لعدة هجمات من الإرهابيين على الركاب إضافة إلى تخريب البنية التحتية، مما جعل العمل في مجال النقل بالسكك الحديدية صعبًا وخطرًا. لكن رغم ذلك، نجحت شركة SNTF وموظفيها في الحفاظ على حركة القطارات للركاب والبضائع طوال هذه الفترة.[27]
في نهاية القرن العشرين، كانت الشبكة الحديدية الجزائرية تحتوي على 4250 كيلومترًا من الخطوط، منها 4219 كيلومترًا مستغلة، موضحة في الجدول أدناه.
شبكة السكك الحديدية الجزائرية في نهاية القرن العشرين[28]
بدءاً من أوائل العقد 2000 و بعد الفترة الصعبة التي مرت بها الجزائر في حربها الأهلية، أحيت الدولة الجزائرية والشركة الوطنية للسكك الحديدية (SNTF) برامج تحديث الشبكة الحديدية.
قطار ذاتي الحركة من طراز CAF ZZ 22 (على اليسار) وقطار كوراديا (على اليمين) في محطة الثنية على القسم المُكهّرب من شبكة الضواحي في الجزائر.
في أواخر العقد الأول وأوائل العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، دخلت خطوط الضواحي الكهربائية في الجزائر حيز التشغيل، حيث أُنجز ما يقرب من 340 كيلومترًا من الخطوط الجديدة.
بالتوازي مع جهود تحديث وتوسيع شبكتها، قامت الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية (SNTF) بتجديد أسطول معدات نقل الركاب من خلال اقتناء قطارات تعمل بالديزل، والكهرباء، أو بالأنظمة الهجينة، وذلك لتحل محل القطارات القديمة المكونة من عربات ركاب كانت تُجر بواسطة قاطرات ديزل. وشملت عمليات الشراء ما يلي:
17 قطارًا محركًا ديزليًا من CAF (فئة ZZ 22) للخدمات الإقليمية، سُلمت ابتداءً من عام 2007.[30][31]
64 قطارًا محركًا كهربائيًا من Stadler FLIRT (فئة 541) لشبكة ضواحي الجزائر، سُلمت ابتداءً من عام 2008.[32]
17 قطارًا محركًا هجينًا كهربائيًا وديزليًا من Alstom Coradia (فئة ZZe) للخدمات على المسافات الطويلة، سُلمت ابتداءً من عام 2018.[33][34]
صور لقطارات السكك الحديدية لشركة النقل الوطنية الجزائرية (SNTF).
قطار ذاتي الحركة من طراز CAF (الفئة ZZ 22).
قطار ذاتي الحركة من طراز ستادلر FLIRT (الفئة 541).
قطار ذاتي الحركة من طراز ألستوم Coradia (الفئة ZZe)
في عام 2015، وكجزء من برنامج يشمل إنشاء 2,300 كيلومتر من الخطوط الجديدة، بدأت الأشغال على 1,324 كيلومترًا، ومعظمها يتعلق بجزء غرب الدائرة الطرقية للهضاب العليا.
في 10 سبتمبر 2018، بدأت ANESRIF تشغيل نظام الاتصالات السككية GSM–R لأول مرة في الجزائر و إفريقيا. يهدف هذا النظام إلى تأمين الاتصالات على شبكة مستقلة بين المركز المثبت في الجزائر والقطارات، وبين القطارات والمشغلين المسؤولين عن صيانة الشبكة.[35]
إنشاء خط تيسمسيلت إلى مسيلة في عام 2016.
في أواخر العقد 2010 وأوائل العقد 2020، توسعت الشبكة الحديدية الجزائرية مع افتتاح الخطوط التالية :
^Journal officiel de la République Algérienne, Ministère de la reconstruction, des travaux publics et des transports : Décret no 63–183 du 16 mai 1963, 28 mai 1963, p 542 intégral (consulté le 21 novembre 2010) نسخة محفوظة 2023-11-01 على موقع واي باك مشين.